المواجهة الأولى بعد رفع الأنقاض ستكون في مسألة الانتخابات الرئاسية والبرلمانية، والحديث عن صعوبة إجراء الانتخابات في موعدها الدستوري المعلن. المعارضة ترفض التأجيل، لكن هناك أكثر من 4 ملايين ناخب بدلوا مكان إقامتهم بسبب كارثة الزلزال. الاحتمالات كثيرة، هناك احتمال ولادة معارضة سياسية جديدة مختلفة، إذا ما لمس المواطن التركي تقصيراً لدى المعارضة الحالية.
تبدأ الحكومة التركية وقيادتها السياسية اختيار الأماكن الجديدة للشروع في عمليات الإعمار، والكشف عن الأموال التي تحتاجها، ومصادر تأمينها. تخشى المعارضة استغلال إردوغان علاقاته الشخصية والسياسية بالدول التي يتحالف معها حزب “العدالة والتنمية”، الذي يريد الخروج سريعاً، وإخلاء المناطق المهدّمة ورفع الأنقاض والشروع في بناء المدن الجديدة. لكن المعارضة تستعد لمواجهة إردوغان، وهي تجمع ملفات كثيرة للمساءلة القانونية والسياسية حول من سيتحمّل مسؤولية انهيار المباني، ومن أعطى التصاريح والرخص، ومصير أموال ضريبة الزلازل.
تأتي زيارة وزير الخارجية الأميركي، أنتوني بلينكن، اليوم إلى تركيا بعد عامين من توليه منصبه، وعلى عكس أسلافه، الذين قاموا بزيارة تركيا، الحليف الاستراتيجي لحلف الأطلسي، في غضون الأشهر الثلاثة الأولى من توليهم المنصب، سيحاول بلينكن بعد سنوات من التوتر بين الولايات المتحدة وتركيا اغتنام هذه الفرصة؛ لإظهار التضامن والدعم في أعقاب المأساة، والمساعدات المقدمة من قاعدة أنجرليك لضحايا الزلزال.
من المقرر أن يزور بلينكن اليونان بعد انتهاء زيارته لتركيا، والذهاب إلى ألمانيا لحضور مؤتمر ميونيخ للأمن، بعد الوقوف على الخسائر، وإعلان مساعدة إضافية بقيمة مئة مليون دولار.
التعامل المستقبلي مع روسيا هو الموضوع الرئيسي للأميركي والتوجّه المستقبلي للغرب، ويرى القيّمون على المؤتمر أنه لا يمكن الحفاظ على النظام الدولي، إلا بدعم من دول أفريقيا أو أميركا اللاتينية أو آسيا أو غربي آسيا، فالدول المحايدة أو تلك القريبة من روسيا هي الدول التي يقطنها معظم سكان العالم.
لكن تركيا ستبقى لفترة منشغلة في دوامتها الداخلية، وإعادة الإعمار، والمنافسة بين الحكومة والمعارضة. سيأخذ الداخل الحيّز الأساسي، لكن إردوغان سيستعين بتحالفات خارجية بناها مع دول يمكنها مساعدته، وهو يراهن حتماً عليها، وستشهد المرحلة اللاحقة اتهامات وصراعات لا يمكن التنبؤ بنتائجها.
الرأي
إرسال تعليق لهذا المقال