استقلال إيران نموذجٌ يُحتذى به في جميع أنحاء العالم
896 Views

استقلال إيران نموذجٌ يُحتذى به في جميع أنحاء العالم

في الأيام التي تلت حرب الكيان الإسرائيلي ضد إيران و التي استمرت 12 يومًا، وخلصت بانتصار الجمهورية الإسلامية الإيرانية، أدلى العديد من السياسيين العالميين بتعليقات مختلفة حول هذه الحرب. وكان رئيس الوزراء الياباني السابق أحد هؤلاء الأشخاص(1) الذي أدلى بتصريحات مهمة في هذا الصدد وقال إن الرد العسكري الإيراني على عدوان النظام الصهيوني، والذي لم يقتصر على هذا النظام فقط وشمل أيضًا القواعد الأمريكية في منطقة الخليج الفارسي، يدل على أن استقلال الدول في صنع القرار والتصميم والإرادة للدفاع عن البلاد هي من أهم الركائز للحفاظ على سلامة أراضيها، ويجب علينا ( نحن في اليابان) أيضًا محاولة إغلاق القواعد الأمريكية في بلدنا في السنوات القادمة لأنه من المحتمل أن يأتي اليوم الذي تبدأ فيه الحرب الصينية الأمريكية، وقد تكون الأراضي اليابانية أيضًا معرضة لخطر الهجمات من الصين لأن القواعد الأمريكية هي أهداف مشروعة لتبادل إطلاق النار في الحرب الصينية الأمريكية. وهذا ما شهدناه في الحرب الأخيرة، حيث استهدفت إيران قطر لاستضافتها قاعدة أمريكية. فيما يلي سنناقش سلسلة من الأحداث المحتملة الناجمة عن هجمات إيران على القواعد الأمريكية وتأثير ذلك على الدول الأخرى.

التشكيك في المظلة الأمنية الأمريكية
بعد الحرب الباردة وهيمنة الولايات المتحدة على العالم، برزت فكرة في السياسة الدولية والعالمية وهي فكرة الوعي الجماعي لحلفاء الولايات المتحدة حول مظلة واشنطن الأمنية (2) كما أكدت دول الخليج الفارسي وشرق آسيا بصفتهم حلفاء تقليديين للولايات المتحدة، على توسيع وفعالية هذه المظلة الأمنية وقد حققت الولايات المتحدة أيضًا فوائد مالية ضخمة من ذلك. وقد أظهرت إيران في السنوات الأخيرة أن هذا النموذج الأمني غير فعال للغاية، لأنه في يوم الأزمة يمكن لدولة تمتلك العزيمة والاستقلالية اللازمتين مهاجمة القواعد الأمريكية في دول مختلفة للدفاع عن نفسها وتنفيذ هجمات متعددة عليها. مثل الإجراء الذي اتخذته إيران منذ عام 2019 (مهاجمة عين الأسد، العديد، إلخ). قد تُحدث الأحداث الأخيرة تحولا فكرياً لدى حلفاء الولايات المتحدة، وكما هو الحال مع اليابان، الحليف التقليدي للولايات المتحدة فقد تبدأ بانتقاد هذا النموذج القائم على اتباع النظام الأمريكي والاعتراف بعدم فعاليته.

النموذج الناجح لسياسة الدفاع الإيرانية المستقلة
إن إشارة رئيس الوزراء الياباني السابق الضمنية إلى نجاح نموذج إيران في الدفاع عن سلامة أراضيها تُعدّ تأكيداً غير مباشر على فعالية نموذج الردع الدفاعي الذي تتبناه طهران؛ وهو نموذج يصمد في وجه التهديدات الشاملة دون الاعتماد على قاعدة أجنبية. ويعتمد هذا النموذج على إنشاء بنية تحتية دفاعية داخلية، مع الأخذ في الاعتبار تكلفة الاعتماد على الدول الأخرى الباهظة. وأخيراً، فقد أثبتت فعالية الدفاع المستقل ميدانياً. وقد كانت إيران نموذجاً ناجحاً في هذا الصدد في السنوات الأخيرة. وبصفتها دولة طورت بنيتها التحتية الدفاعية المحلية وردعها الفعال رغم العقوبات والضغوط القصوى، فقد حقق ذلك نتائج مهمة في ساحة المعركة وأثبت فعالية هذه السياسة. ويمكن أن تُشكّل أفعال إيران نموذجًا يُحتذى به للدول التي تبحث عن بديل للاعتماد على الغرب، لأن نتائج نموذج الصمود الإيراني أكثر نفعًا بكثير من نموذج الاعتماد على الغرب.

زيادة تكاليف الاعتماد الدفاعي على المستوى العالمي
مع تزايد الصراعات العالمية، يُمكن أن يُؤدي نموذج استخدام القواعد الأمريكية إلى تكاليف ومخاطر كبيرة على الدول المضيفة، وقد أثار هذا قلقًا بالغًا على المستوى العالمي.(3) وكما ذكر رئيس الوزراء الياباني السابق، الذي يعتقد أن على دول العالم أن تتجه نحو استخدام خطاب الأمن المستقل؛ لأن النظام الدولي الجديد المصحوب بالعديد من الحروب، سيشمل حتمًا مناطق مختلفة من العالم، ويمكن للدول التي يقل اعتمادها الدفاعي والاقتصادي على الآخرين أن تتجاوز هذه الفجوة بأمان. وعلى وجه الخصوص يُمكن أن يزيد وجود القواعد العسكرية الأجنبية في الدول من خطر الصراع والهجوم على أراضي الدول المضيفة. فبدلًا من توفير الأمن للدول المضيفة، تُصبح القواعد العسكرية الأمريكية مصدر أزمات لها.

تطور في الخطاب الأمني
أخضعت تجربة الحروب الأخيرة في مختلف أنحاء العالم دول آسيا وغرب آسيا لتحول أمني جديد، وثمة تسريبات حول ضرورة مراجعة سياساتها الدفاعية القائمة على الوجود الأمريكي. قد يصبح الاستقلال الأمني خطابًا جديدًا شائعًا لدول العالم في المستقبل، وتشمل أدوات هذا التحول الأمني الجديد إنشاء هيكل وسلسلة دفاعية محلية، والاكتفاء الذاتي في الصناعات الاستراتيجية، وغياب القواعد العسكرية الأجنبية في الدول و سيعكس هذا التحول أزمة ثقة مع الولايات.

الخلاصة
تجدر الإشارة إلى أن العالم يشهد تطورات أمنية وسياسية جديدة، ويمكن لحروب اليوم والمستقبل أن تُسرّع هذه التطورات، ولم تعد السياسات الدولية بعد الحرب الباردة قادرة على إدارة الأزمات العالمية، حيث تسعى دول العالم إلى مراجعة سياساتها الأمنية للبحث عن نماذج أمنية محلية أكثر أمناً وسلاماً.


أميرعلي يكانة

1- https://www.tabnak.ir/005VzR
2- https://www.aspistrategist.org.au/why-the-us-nuclear-umbrella-underpins-non-proliferation/
3- https://www.dw.com/en/okinawans-split-over-whether-us-bases-are-worth-the-burden/a-72598323
لا توجد تعليقات لهذا المنصب.
الرأي
إرسال تعليق لهذا المقال