اعتماد أوروبا على أمريكا وتفعيل آلية الزناد
102 Views

اعتماد أوروبا على أمريكا وتفعيل آلية الزناد

في 28 أغسطس 2025 فعّلت الدول الأوروبية الثلاث الأعضاء في خطة العمل الشاملة المشتركة وهي بريطانيا وفرنسا وألمانيا رسميًا آلية الزناد ضد إيران. صُممت آلية الزناد في خطة العمل الشاملة المشتركة كأداة ضغط، بحيث إذا ادّعى أي طرف من أطراف الاتفاق انتهاك إيران لالتزاماته تُتاح إمكانية إعادة فرض عقوبات مجلس الأمن عليها. وتُعدّ هذه الآلية مُقترحة في إطار خطة العمل الشاملة المشتركة وقرار الأمم المتحدة رقم 2231، وتسمح بإعادة فرض العقوبات الشاملة المفروضة قبل عام 2015 تلقائيًا، دون الحاجة إلى تصويت الفيتو من قِبل مراكز القوى. لذلك وبعد أن أُثيرت مسألة تفعيل أوروبا لآلية الزناد لا بدّ من توضيح بعض النقاط حول قرار أوروبا.

1. اعتماد أوروبا على أمريكا؛ تأثرت أوروبا بالضغط الأمريكي في تطبيق آلية الزناد. تُظهر تجارب السنوات التي تلت خطة العمل الشاملة المشتركة أنه على الرغم من الرغبة السياسية في الحفاظ على الاتفاق، لم تتمكن أوروبا من الوفاء بوعودها الاقتصادية لإيران بسبب اعتمادها الاقتصادي على الولايات المتحدة وانسحبت الشركات الأوروبية تدريجيًا من السوق الإيرانية خوفًا من العقوبات الأمريكية الثانوية. في النهاية قررت أوروبا وخاصة المملكة المتحدة وفرنسا وألمانيا (E3) في اتفاق أبرمته في 14 يوليو 2025، بالتنسيق مع الولايات المتحدة تفعيل آلية الزناد إذا لم توافق إيران على الاتفاق الذي اقترحه الغرب بحلول نهاية أغسطس. ويُعد هذا التنسيق أوضح دليل على اعتماد أوروبا على الولايات المتحدة.[1]

2. عدم القدرة على تنفيذ خطة العمل الشاملة المشتركة؛ بعد انسحاب الولايات المتحدة من خطة العمل الشاملة المشتركة، وعدت أوروبا بإنشاء آليات مثل INSTEX، لكن هذا الوعد ظل غير فعال ورمزيًا. إنستكس هي قناة مالية بين إيران والجانب الأوروبي ومن نتائج الاتفاق النووي، والتي تشكلت بعد انسحاب الولايات المتحدة من جانب واحد من الاتفاق ومنع إيران من الخروج منه. خلال 50 شهرًا من تشغيل القناة المالية إنستكس لم يتم تسجيل سوى معاملة واحدة بين ألمانيا وفرنسا والمملكة المتحدة مع إيران، وتم إغلاق ملف هذا الوعد في مارس 2022. يُظهر تحليل بيانات مبيعات النفط الإيرانية أن اتباع الوعد الأوروبي بعد انسحاب الولايات المتحدة من الاتفاق النووي وتجاهل استراتيجية تحييد العقوبات قد تسبب في خسائر لإيران تزيد عن 200 مليار دولار في صادرات النفط وحدها في 50 شهرًا بعد الاتفاق النووي.[2]

3. الضغط الأمريكي كعامل رئيسي؛ في الواقع فإن آلية الزناد هي أداة للضغط السياسي الأمريكي، وليست علامة على القوة الأوروبية. بمعنى آخر فإن تفعيل آلية الزناد لا يرجع إلى الإرادة الأوروبية والقوة المستقلة ولكنه يتماشى مع حماية نظام القوة الغربية في العالم. ويسعى الأوروبيون إلى الحفاظ على النظام الدولي الغربي حتى لو تعارضت هذه الخطوة مع مصالحهم الاقتصادية والأمنية. ويكمن سبب إلحاح تفعيل هذه الآلية في أن خطة العمل الشاملة المشتركة (JCPOA) وآلية إعادة فرض العقوبات نفسها تنتهيان في 18 أكتوبر 2025، وفقًا للقرار 2231. وإذا لم يتم تفعيلهما بحلول ذلك التاريخ فلن تتمكن الدول التي وافقت عليها من استخدامها. وتكمن أهمية الإبقاء على هذه العقوبات بالنسبة لأوروبا والولايات المتحدة في أنه بدونها، تستطيع إيران دون عقبات دولية كبيرة الحصول على معدات وتقنيات نووية حساسة من الشبكة العالمية وإعادة بناء برنامجها النووي، وهو أمر يتعارض بشدة مع مصالح الغرب، وخاصةً الأمريكيين.

4. أوروبا طرفٌ تابعٌ في السياسة الدولية؛ ففي عام ٢٠٢٠ أعلنت الولايات المتحدة (إدارة ترامب) أنها ستفعّل آلية الزناد. وقد صرّحت دول مجموعة الثلاث (فرنسا، ألمانيا، بريطانيا) آنذاك صراحةً بأن الولايات المتحدة لا تملك الحق في تفعيل آلية الزناد لانسحابها من الاتفاق النووي. وهذا يعني أن أوروبا سعت إلى إظهار استقلاليتها ظاهريًا. ومع ذلك رأينا هذا العام (٢٠٢٥) أن الدول الثلاث نفسها (مجموعة الثلاث)، بالاشتراك مع الولايات المتحدة اتخذت قرارًا مشتركًا بإعادة فرض عقوبات مجلس الأمن على إيران. ويُعزى هذا التغيير في الموقف تحديدًا إلى ضغوط سياسية ودبلوماسية من واشنطن. [3]

الخلاصة
تجدر الإشارة إلى أن أوروبا بسبب خوفها من العزلة الدولية والتبعية الاقتصادية غير القابلة للتجزئة للولايات المتحدة كانت دائمًا تابعة لواشنطن في مختلف قضايا السياسة الدولية، وكانت جمهورية إيران الإسلامية على دراية تامة بهذه القضية، وكما نرى منذ عام 2021 وحتى الآن فقد اعتمدت استراتيجية تحييد العقوبات، والتي تتضمن سياسة خارجية متناسبة بين الشرق والغرب وتصميم حزم اقتصادية وسياسية وأمنية مع مختلف دول العالم. على مدى السنوات الثلاث الماضية تسببت هذه الاستراتيجية في تحطيم صادرات النفط الإيرانية للأرقام القياسية، ووفقًا لحسابات معهد إي لاين، تم تحييد ما يصل إلى 70 في المائة من الضغط الاقتصادي للعقوبات. لذلك فإن تفعيل آلية الزناد لن يغير استراتيجيات إيران وسياساتها.



حكيمة زعيم باشي

[1]https://www.alestiklal.net/en/article/snapback-mechanism-looms-what-s-behind-the-european-troika-s-deadline-for-iran?utm_source=chatgpt.com
https://kayhan.ir/001JJ1[2]
[3]https://www.ft.com/content/ab0e8930-6698-442e-8372-129ec6fef3f1
لا توجد تعليقات لهذا المنصب.
الرأي
إرسال تعليق لهذا المقال