في الأول من شهر أغسطس 2025 عُقدت قمة شنغهاي في الصين، وقد كانت القمة الأكبر من نوعها لمنظمة شنغهاي للتعاون منذ تأسيسها وذلك وفقاً لمحللين سياسيين، وبمشاركة قادة ورؤساء من أكثر من 20 دولة آسيوية وأوروبية. وقد أظهر حضور الرئيس الإيراني في قمة شنغهاي، بعد شهرين فقط من انتهاء الحرب ضد المحور الصليبي اليهودي أن إيران أقوى مما تصوره أعداؤها، وأن لها مكانة مهمة في النظام العالمي متعدد الأطراف. وفي الواقع برهن هذا الحضور على نفوذ إيران بعد حرب الاثني عشر يوماً مع النظام الصهيوني والولايات المتحدة.
في بيان رسمي صدر في 14 يونيو 2025، أدانت منظمة شنغهاي للتعاون صراحةً الهجوم العسكري الإسرائيلي على الأراضي الإيرانية في 13حزيران 2025، مؤكدةً أن هذه الهجمات استهدفت منشآت الطاقة والبنية التحتية وأسفرت عن سقوط ضحايا مدنيين وأبرياء. هذه الإعتداءات تدرج ضمن "انتهاك واضح للقانون الدولي وميثاق الأمم المتحدة".[1] ولكن بينما أدان بيان منظمة شنغهاي للتعاون صراحةً هجمات إسرائيل على إيران، رفضت الهند المشاركة في هذه القضية والتوقيع على هذا البيان، واتخذت بعض المواقف الحذرة والمتوازنة والمحايدة[2].
لذلك يمكن القول إن أحد أهم الأحداث التي طرأت على البيان الختامي لقمة شنغهاي الأخيرة كان إدانة عدوان المحور الغربي الإسرائيلي على إيران. وبالنظر إلى مشاركة وحضور الهنود في هذه القمة وتوقيع الهند على هذا البيان وإدانتها للولايات المتحدة والنظام المحتل، ينبغي اعتبار هذه القضية حدثًا وواقعة مهمة لأنه كما ذكرنا لم يكن الهنود على استعداد لإدانة هذا العدوان والحرب أثناء المعركة.
ومن القضايا المهمة الأخرى في قمة شنغهاي هذه الرسالة المشتركة لوزراء خارجية إيران والصين وروسيا التي رفضوا فيها تفعيل آلية "سناب باك" من قبل مجموعة الدول الأوروبية الثلاث (إيطاليا وألمانيا وبريطانيا) إلى الأمين العام للأمم المتحدة ورئيس مجلس الأمن. تعكس هذه الرسالة وحدة إيران وروسيا والصين ضد أوروبا والولايات المتحدة، والخلاف حول المسؤولية القانونية لآلية "سناب باك" والفجوة السياسية والقانونية المتزايدة بين الشرق والغرب في خطة العمل الشاملة المشتركة والعقوبات المفروضة على إيران.
في هذه الرسالة رفض وزراء خارجية الدول الثلاث جهود الدول الأوروبية الثلاث (E3) لإحياء قرارات مجلس الأمن الملغاة ضد إيران، وصرحوا بأن إجراء الدول الأوروبية الثلاث يتعارض مع الإجراءات المنصوص عليها في خطة العمل الشاملة المشتركة والقرار 2231 ويفتقر إلى الأساس القانوني اللازم ويجب اعتباره لاغيًا وباطلًا. لذلك فهو معيب بطبيعته من الناحية القانونية والإجرائية. إن المسار الذي اتخذته الدول الأوروبية الثلاث (E3) يسيء استخدام سلطة ووظائف مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، وفي الوقت نفسه يضلل أعضاءه والمجتمع الدولي بشأن جذور الخلل في تنفيذ خطة العمل الشاملة المشتركة والقرار 2231.[3]
وقد أشارت الرسالة إلى أن إيران كما أثبتت الوكالة الدولية للطاقة الذرية قد نفذت التزاماتها منذ دخول الاتفاق النووي حيز النفاذ عام 2015، وأكدت: "إن إعادة فرض عقوبات مجلس الأمن المنتهية على إيران أمر غير منطقي وغير معقول. لن يؤدي هذا الإجراء إلا إلى مكافأة الدول الأوروبية الثلاث (E3) على عدم امتثالها الصارخ للاتفاق وإحباط سنوات من الجهود الدبلوماسية، وتقويض مصداقية الاتفاقات متعددة الأطراف، وإرساء سابقة للتنفيذ الانتقائي للالتزامات الدولية. لذلك من المهم الالتزام بقرار مجلس الأمن رقم 2231 بما في ذلك أطره الزمنية".
وأخيرًا تدعو الرسالة أعضاء مجلس الأمن إلى رفض ادعاءات الدول الأوروبية الثلاث وإعادة تأكيد التزامهم بالقانون الدولي والدبلوماسية متعددة الأطراف. كما تدعو فرنسا وألمانيا والمملكة المتحدة إلى تغيير مسارها والانخراط في حوار سياسي، مع دعوة جميع الدول إلى المساهمة في تهيئة بيئة مواتية للدبلوماسية.[4]
بشكل عام تجدر الإشارة إلى أن دعم أعضاء شنغهاي لإيران وخاصةً حضور الهند يُشير إلى تغير في نهج القوى الآسيوية في مواجهة الضغوط الأمريكية والصهيونية، ويمكن أن يُعزز مكانة إيران في معادلات مستقبل المنطقة والعالم. بالإضافة إلى إظهار التحالف الاستراتيجي بين أعضاء شنغهاي، ومهد هذا الاجتماع الطريق أيضًا لتعزيز التعاون الاقتصادي مع روسيا والصين والسعي إلى اتفاقية مدتها 25 عامًا، وخطة لإنشاء بنك مشترك وهو إجراء من شأنه أن يُخفف من وطأة العقوبات ويُعزز مكانة إيران كمركز إقليمي للنقل والعبور الدولي.
الرأي
إرسال تعليق لهذا المقال