من الاستراتيجيات الثابتة للقادة الإيرانيين بعد انتصار الثورة الإسلامية في إيران التأكيد على قضية وحدة المسلمين و مفاهيم تجمع هذه الوحدة مثل تحرير فلسطين. لطالما كانت قضية تحرير القدس مهمة في نظر الشعوب الإسلامية، لكن في السنوات الأخيرة سعت بعض الحكومات الإسلامية إلى تهميش قضية تحرير فلسطين من خلال دعم نهج التنازلات مع الكيان الصهيوني. مع بدء عملية عاصفة الأقصى وما تلاها من جرائم جسيمة ارتكبها الكيان الصهيوني ضد شعب غزة خرجت مظاهرات حاشدة في جميع أنحاء العالم دعماً للشعب الفلسطيني المظلوم.
في مثل هذه الأيام، يجتمع مسلمو العالم في بيت الله الحرام في شهر ذي الحجة ونظراً لأهمية هذه الأيام في العالم الإسلامي فقد أتيحت فرصة سانحة للاحتجاج على مجازر الكيان الصهيوني في فلسطين. كما في السنوات السابقة، وجّه قائد الثورة الإسلامية الإيرانية آية الله خامنئي رسالةً هامةً لحجاج العالم الإسلامي سنتناول مضمونها في هذا المقال.
استلهامًا لدروس الحياة التوحيدية، يسعى قائد الثورة الإيرانية من خلال تناوله للمفاهيم التوحيدية إلى ربط الحياة الروحية مع الحياة المادية للمسلمين، ناصحاً المسلمين بالاهتمام بهذه الأمور من خلال التعمق وأخذ العبر من سيرة الأنبياء عليهم السلام طوال حياتهم. ومن بين فروع الحياة التوحيدية التي تناولها قائد الثورة الإسلامية الاهتمام بالسعي لتحقيق العدالة. يواجه العالم الإسلامي حاليًا مجزرة غير مسبوقة بحق الشعب الفلسطيني المسلم، ولو كانت التعاليم التوحيدية للأنبياء على رأس أولويات شعوب المنطقة لما استطاع الكيان الصهيوني ارتكاب مثل هذه الجريمة داخل حدود المسلمين، ولاكتفت حكومات المنطقة الإسلامية بالتعليقات المؤسفة دون أي رد فعل. ويمكن أن يكون الحج هذا العام فرصةً للتذكير والعودة إلى مفاهيم سيدنا محمد (ص) الأصيلة بوحدة الدول الإسلامية من أجل تحرك فعال لوقف المجازر في فلسطين.
بإمكان الدول الإسلامية في المنطقة بالنسبة إلى إمكانياتها توسيع نطاق مساعداتها الغذائية والإغاثية للشعب الفلسطيني، وذلك باتخاذ إجراءات مثل فتح الحدود المشتركة بينها وبين فلسطين، وإضعاف أركان هذه الدولة الزائفة بفرض حصار اقتصادي على هذا الكيان الصهيوني. ومن الإجراءات المشتركة الفعالة الأخرى إجبار الولايات المتحدة على التخلي عن دعمها الواسع للكيان، وهو إجراء فعال بالنظر إلى العلاقات الاقتصادية الواسعة للدول الإسلامية مع الولايات المتحدة. إن عزم الدول الإسلامية، إن أرادت، كفيلٌ بحل مشاكل الشعب الفلسطيني. إن رسالة قائد الثورة الإسلامية بشأن التحرك الفعال للدول الإسلامية في هذين المجالين في حال لاقت استحسان الدول الإسلامية، يمكن أن تكون خطوة فعالة لوقف المجازر التي يتعرض لها الشعب الفلسطيني المظلوم.
التحرك الفعال للشعوب الإسلامية: يمكن للشعوب المسلمة في المنطقة أن تُشكّل قوة دافعة قوية بالضغط على حكوماتها لدعم الشعب الفلسطيني المظلوم. إن تنظيم مظاهرات واسعة النطاق في الدول الإسلامية يمكن أن يكون بمثابة نقطة تحول في العالم الإسلامي، وتعريف الحكومات الإسلامية الصامتة في المنطقة بفهم صحيح للوضع الحقيقي في المنطقة الفلسطينية. بعد موسم الحج هذا العام يجب على أعضاء وشخصيات العالم الإسلامي الأكاديمية أن يوجهوا انتباههم إلى الأولوية الأساسية للعالم الإسلامي، وهي وقف المجازر الدامية بحق الشعب المسلم.
يمكن للأشخاص الذين لديهم متابعون كثر على وسائل التواصل الاجتماعي شرح هذه القضية وتوجيه الحكومات الإسلامية لاتخاذ إجراءات فعالة لدعم صمود الشعب الفلسطيني باعتباره السبيل الوحيد لتحرير القدس الشريف. لقد أكد قائد الثورة الإيرانية بحق على دعم الشعوب المسلمة في المنطقة للمقاومة الفلسطينية، ودعا إلى زيادة دعم الدول الإسلامية لهذه الحركة. يمكن لرسالة الحجاج إلى شعوب بلدانهم أن تعزز دعم صمود الشعب الفلسطيني وتضاعف روح هذه الحركة الحقيقية ضد التنازلات مع النظام.
باختصار ينبغي القول إن مقاومة الشعب الفلسطيني هي غنية بالمشاهد الدائمة من المعاناة والشدائد المستمرة في أواخر القرن الحادي والعشرين، والتي تحمل رسالة لشعوب العالم مفادها أنه طالما استمر الظلم والجريمة، فلن يتحقق السلام والهدوء للعالم. كما تؤكد رسالة قائد الثورة الإيرانية على المنطق القائل بأن شعوب العالم، وخاصة الدول الإسلامية يجب أن تتكاتف لوقف الطبيعة الإجرامية للنظام الصهيوني الوحشي. تتضمن هذه الرسالة جوانب فردية من تحسين الذات بالإضافة إلى الاهتمام بالقضايا الاجتماعية للعالم الإسلامي، والتي هي في نهاية المطاف ميثاق منهج الحياة الإسلامي. ومن المؤمل أن تجعل الدول الإسلامية وحكوماتها، بفهمها لرسالة قائد الثورة الإيرانية هذه، منهج الحياة التوحيدي والتمسك بسيرة الأنبياء المرسلين في مقدمة أعمالها الدنيوية وأن تدعم وتصون مقاومة الشعب الفلسطيني.
الرأي
إرسال تعليق لهذا المقال