السقوط المتسارع للنظام الإسرائيلي!
28 Views

السقوط المتسارع للنظام الإسرائيلي!

خلال السنوات الأخيرة شهدت مكانة إسرائيل أمام الرأي العام العالمي تراجعًا ملحوظًا، حيث يتضح ذلك من خلال سلسلة من الاستطلاعات الدولية التي أجرتها منظمات مرموقة مثل مركز بيو للأبحاث، وغالوب، ويوجوف. تُظهر الاستطلاعات التي أُجريت في عامي 2024 و2025 تراجعًا ملحوظًا في المكانة الاجتماعية لإسرائيل، وخاصة في الدول الغربية حيث أصبح الرأي العام ناقدًا بشكل متزايد بسبب الصراع المستمر في غزة.

تراجع شعبية اسرائيل في الغرب
تُظهر البيانات الحديثة الصادرة عن منظمات استطلاعات الرأي الرائدة تراجعًا ملحوظًا في شعبية إسرائيل في الدول الغربية. وقد وجد استطلاع رأي أجراه مركز بيو للأبحاث في 24 دولة من يناير إلى أبريل 2025 أنه في 20 دولة، كان لدى 50% على الأقل من المشاركين آراء سلبية تجاه إسرائيل، حيث أبلغت دول مثل أستراليا واليونان وإندونيسيا واليابان وهولندا وإسبانيا والسويد وتركيا عن آراء سلبية تزيد عن 75%. في الولايات المتحدة، وأفاد استطلاع رأي أجراه مركز بيو في نيسان 2025 أن 53% من الأمريكيين لديهم الآن نظرة سلبية تجاه إسرائيل، بزيادة عن 42% في مارس 2022وبالمثل، أظهر استطلاع رأي آخر أجرته يوجوف ونشرته صحيفة الغارديان في يونيو 2025 أن الدعم الشعبي لإسرائيل في أوروبا الغربية قد انخفض إلى أدنى مستوى له منذ بدء الاستطلاع بعد الحرب، حيث بلغت نسبة الإستطلاع النهائية إلى -44 في ألمانيا، و-48 في فرنسا، و-52 في إيطاليا، و-54 في الدنمارك، و-55 في إسبانيا.وجميعها آراء سلبية، كما أشار مقال في مجلة تايم في يناير 2024 إلى أن الآراء الإيجابية تجاه إسرائيل قد تراجعت في 42 دولة من أصل 43 دولة شملها الاستطلاع منذ بدء حرب غزة. وتشير النتائج إلى أن أفعال إسرائيل في غزة، وخاصة بعد 7 أكتوبر 2023 قد أضرت بسمعتها الدولية بشكل كبير حيث وصفها الكثيرون بأنها "إبادة جماعية".[1]

نظرة الأجيال الشابة في الغرب تجاه إسرائيل
تتزايد انتقادات الأجيال الشابة وخاصةً من تتراوح أعمارهم بين 18 و24 عامًا للنظام الإسرائيلي وغالبًا ما يشككون في شرعيته ويدعمون الحقوق الفلسطينية. وقد أظهر استطلاع رأي أجراه مركز بيو للأبحاث في أبريل 2025 أن الأمريكيين الأصغر سنًا أكثر ميلًا بكثير إلى تبني آراء ناقدة للنظام الإسرائيلي مقارنةً بالأجيال الأكبر سنًا، حيث أظهرت الولايات المتحدة أكبر فجوة عمرية بين الدول التي شملها الاستطلاع. وفي أوروبا وجد استطلاع رأي أجرته مؤسسة يوجوف أن المشاركين الأصغر سنًا في دول مثل فرنسا وألمانيا والمملكة المتحدة كانوا أكثر ميلًا إلى اعتبار العمليات العسكرية الإسرائيلية في غزة غير مناسبة، حيث توقع 15% فقط من الدنماركيين و29% من الفرنسيين تحقيق السلام في المنطقة خلال السنوات العشر المقبلة. ووجد استطلاع رأي أجرته مؤسسة غالوب في يوليو 2025 أن 32% فقط من الأمريكيين يوافقون على العمليات العسكرية الإسرائيلية في غزة، مما يعكس اتجاهًا أوسع نطاقًا لخيبة الأمل بين الفئات السكانية الأصغر سنًا. يتميز هذا التحول الجيلي بلغة أكثر صرامة تجاه النظام، مع استخدام مصطلحات مثل "طاغية" و"غير شرعي أخلاقيًا" ضد النظام بين الشباب في الولايات المتحدة والمملكة المتحدة.

انقسام حزبي غير مسبوق في الولايات المتحدة
شهدت الولايات المتحدة انقسامًا حزبيًا متزايدًا في المواقف تجاه النظام الإسرائيلي، مما له تداعيات كبيرة على السياسة الخارجية المستقبلية. ووفقًا لاستطلاع رأي أجراه مركز بيو للأبحاث في نيسان 2025، فإن 69% من الديمقراطيين لديهم الآن نظرة سلبية تجاه إسرائيل، بزيادة عن 53% في عام 2022، بينما لدى 37% فقط من الجمهوريين نظرة سلبية، بزيادة عن 27% في عام 2022. كما تتفاوت الثقة برئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بشكل حاد، حيث أعرب 15% فقط من الديمقراطيين عن ثقتهم به مقارنة ب51% من الجمهوريين. وقد سلّط استطلاع رأي آخر أجرته مؤسسة غالوب في يوليو 2025 الضوء على هذه الفجوة، مشيرًا إلى أن 71% من الجمهوريين يوافقون على أفعال النظام الإسرائيلي في غزة، مقارنةً بـ 8% فقط من الديمقراطيين. ويتجلى هذا الاستقطاب بوضوح في وجهات النظر حول حل الدولتين، حيث يعتقد 56% من الديمقراطيين أنه ممكن، مقارنةً ب 36% فقط من الجمهوريين. ومع تزايد تشكيك الناخبين الديمقراطيين في دور إسرائيل كحليف استراتيجي قد تُشكّل هذه الفجوة السياسة الخارجية الأمريكية في السنوات القادمة.

انعدام الثقة بنتنياهو والحكومة الإسرائيلية
ازداد انعدام الثقة بقيادة النظام الإسرائيلي على نطاق واسع، وخاصة نتنياهو. وقد أظهر استطلاع رأي أجراه مركز بيو للأبحاث في حزيران 2025 أن أقل من 33% من المشاركين في الاستطلاع يثقون بنتنياهو في جميع الدول باستثناء دولتين (كينيا ونيجيريا)، بينما أفادت دول مثل أستراليا وفرنسا وألمانيا والسويد بأن 75% على الأقل يثقون به قليلاً أو ثقة شبه معدومة. وفي الولايات المتحدة أفاد استطلاع رأي أجرته مؤسسة غالوب في تموز 2025 أن أكثر من نصف البالغين الأمريكيين لا يوافقون على نتنياهو وهو رقم قياسي. أما في إسرائيل فيعتقد 58% من المواطنين أن بلادهم لا تحظى بالاحترام الدولي، وقد ارتفعت نسبة من يقولون إنها "لا تحظى بالاحترام إطلاقاً" من 15% إلى 24% منذ العام الماضي. ويمتد انعدام الثقة هذا ليشمل الحكومة الإسرائيلية، التي يُنظر إليها بشكل متزايد على أنها جهة فاعلة معزولة وغير شرعية على الساحة العالمية.[2]

دعم عالمي متزايد لفرض عقوبات على إسرائيل واحتوائها
يتزايد الدعم الشعبي لإجراء مقاطعة شاملة لإسرائيل واحتوائها، وخاصة في أوروبا. وقد أظهر استطلاع رأي أجراه معهد فلسطين للدبلوماسية العامة (PIPD) في أبريل 2024 أن نصف المشاركين على الأقل في بلجيكا (62%) وفرنسا (51%) وألمانيا (49%) وإيطاليا (65%) والسويد (50%) يؤيدون حظر تجارة الأسلحة مع إسرائيل. علاوة على ذلك، تعتقد شرائح كبيرة من هذه الفئات أن إسرائيل ترتكب إبادة جماعية ضد الفلسطينيين في غزة، حيث أعرب 49% في إيطاليا و46% في السويد عن هذا الرأي. كما أظهر استطلاع رأي أجرته مؤسسة يوجوف في يونيو 2025 أن الكثيرين في أوروبا الغربية يرون أن الإجراءات العسكرية الإسرائيلية مفرطة، حيث ذكر 40% في ألمانيا و38% في المملكة المتحدة أن إسرائيل قد تجاوزت الحدود. كما يتهم العديد من الأوروبيين حكوماتهم ووسائل إعلامهم بالتحيز لصالح إسرائيل، مطالبين بتصحيح الروايات لتعكس وجهات النظر الفلسطينية بشكل أفضل.

تنامي الخطاب الغربي ضد اضطهاد الفلسطينيين
اكتسب خطاب قمع الفلسطينيين زخمًا كبيرًا، لا سيما في أوروبا وبين الأجيال الشابة. وقد أظهر استطلاع رأي أجراه معهد السياسة الخارجية والأمنية (PIPD) أن نسبة كبيرة من الأوروبيين يعتقدون أن إسرائيل ترتكب إبادة جماعية بحق الفلسطينيين، حيث أعرب 43% في بلجيكا و34% في فرنسا عن هذا الرأي. كما يتزايد التعاطف مع الفلسطينيين، حيث يتضح من استطلاع رأي أجرته مؤسسة يوجوف، انه يتعاطف 33% من الإيطاليين مع فلسطين، مقابل 7% فقط مع إسرائيل. كما يشير مقال مجلة تايم إلى أن نسبة التأييد لقيام الدولة الفلسطينية قد وصلت إلى مستوى قياسي بلغ 32%، بينما انخفضت نسبة التأييد للنظام الإسرائيلي. وقد انتقل هذا الخطاب من الهامش إلى التيار الرئيسي في الأوساط الأكاديمية والإعلامية، وهناك دعوات عديدة لمعالجة حقوق الفلسطينيين ومحاسبة النظام الإسرائيلي على انتهاكاته الدائمة.

في الختام، يعكس تراجع مكانة إسرائيل العالمية، كما يتضح من استطلاعات الرأي الدولية الأخيرة، تفاعلًا معقدًا بين عدة عوامل، بما في ذلك الانتقادات الواسعة لأفعال النظام في غزة، والتحولات الكبير في تصورات الحقائق عند جيل الشباب، والاستقطاب السياسي في الولايات المتحدة، وانعدام الثقة بقيادة النظام، والدعم المتزايد لإجراءات احتواء النظام الإسرائيلي. وقد عزز تنامي القمع الفلسطيني هذه الاتجاهات، متحديًا التأطير التقليدي للنظام الإسرائيلي كضحية أو مدافع في الصراع مع الفلسطينيين. ومع استمرار تطور مراحل تصحيح الرأي العام، يواجه النظام الإسرائيلي تحديات كبيرة في التعامل مع مشهد عالمي متزايد الأهمية، مع تداعيات محتملة على السياسة الخارجية للنظام وعلاقاته الدولية.



محمد مهدي إسماعيل خانيان

[1] https://www.theguardian.com/world/2025/jun/03/public-support-for-israel-in-western-europe-lowest-ever-recorded-yougov
[2] https://www.pewresearch.org/short-reads/2025/06/03/most-people-across-24-surveyed-countries-have-negative-views-of-israel-and-netanyahu/
لا توجد تعليقات لهذا المنصب.
الرأي
إرسال تعليق لهذا المقال