الصين و دورها في التداعيات الجيوسياسية للصراع اليمني
2036 Views

الصين و دورها في التداعيات الجيوسياسية للصراع اليمني

واصلت المقاومة اليمنية خلال الأشهر الماضية فرض حصار بحري على الأراضي المحتلة ردًا على جرائم النظام الصهيوني المستمرة، وفي ظل هذه الظروف تستمر الهجمات الصاروخية الفرط صوتية على مطارات الكيان الإسرائيلي بكثافة، بالتزامن مع وصول معلومات دقيقة إلى حركة المقاومة اليمنية.(١) هذا الحصار البحري الذي تخرقه أحيانًا بعض السفن الغربية يُقابل فورًا بمعلومات دقيقة تحت مراقبة الجيش اليمني. ووفقًا لبعض خبراء الأمن الدوليين، يتطلب الحصول على هذه المعلومات بنية تحتية قوية يُرجح أن تكون قوة عابرة للحدود هي من زودت الجيش اليمني بها. فيما يلي سنبحث في إمكانية مساعدة الصين للجيش اليمني من خلال الدعم الاستخباراتي! وما هي التداعيات الجيوسياسية لهذا الدعم الصيني؟

المراقبة الدقيقة للجيش اليمني في مياه البحر الأحمر تعني أن السفن المتجهة إلى موانئ الكيان معرضة لخطر الهجمات الصاروخية اليمنية. وتزعم الحكومة الأمريكية أن شركات صينية خاصة تساعد الجيش اليمني في مراقبة مناطق الصراع مع النظام الإسرائيلي باستخدام بنيتها التحتية المعلوماتية. (٢)

وقد واجهت شركة "تشانغقوانغ" الخاصة هذا الاتهام من الدول الغربية. وتزعم الحكومة الصينية أن مهام الشركة المذكورة مدنية ليست عسكرية، وتعمل الشركة المذكورة في مجال الاتصالات ونظرًا لعلاقاتها المتشعبة الموجهة للمقاومة، يبدو من المرجح إمكانية استخدام هذه المعلومات لمراقبة مناطق الصراع مع الكيان. ويُعد ادعاءً صحيحًا أن الجيش اليمني قد شلّ القطاع البحري للنظام الإسرائيلي في الأشهر القليلة الماضية من خلال حصار بحري شديد، وقد تمكن من تنفيذ هذه العملية بالتأكيد بدعم من خلال امتلاكه لبيانات استخباراتية دقيقة. أما كيفية وصول هذه البيانات إلى الجيش اليمني ومن أي دولة وصلتها، فهو أمر لا يمكن التعليق عليه و إثباته، لأن هذه المعلومات سرية تمامًا والمسائل المطروحة هي مجرد تحليلات وتكهنات.

تبعات دعم الصين لعمليات اليمن من منظور جيوسياسي، حيث يمكن أن يحمل عدة معانٍ. فقد ألحقت اليمن ضررًا كبيرا بقطاع الشحن في الدول الغربية بمهاجمتها السفن الغربية في البحر الأحمر (٣) وفي الوقت نفسه تستطيع السفن الصينية، بفضل حريتها أن تحل محل السفن الغربية وتبحر حصريًا في هذه المنطقة وهذا يعزز بشكل مباشر دور الصين في النقل الدولي. ويمكن أن يتمثل بُعد آخر لهذا الدعم في الضغط المزدوج الذي تمارسه الحكومة الصينية على إدارة ترامب بسبب صراعات أخرى بين البلدين. لم تتوصل الصين والولايات المتحدة بعد إلى تفاهم واتفاق في قضايا أخرى، ويمكن للصين استخدام ورقة اليمن الرابحة للضغط على ترامب للحصول على تنازلات في قضايا التجارة المشتركة بهذه الطريقة.

بافتراض صحة ادعاء المسؤولين الأمريكيين بدعم الصين للجيش اليمني، فإن هذا الإجراء سيزيد من إضعاف علاقات الصين مع الدول الغربية، ويؤدي إلى تصعيد الصراع مع هذا البلد حيث اتتعارض هذه القضية مع سياسة الاعتدال الصينية. ويتم التعامل بحذر مع دعم هذا البلد لليمن وحرب روسيا مع أوكرانيا، لأن تدخلهاالمباشر في الصراع المذكور له عواقب جيوسياسية سلبية على الصين، التي لا ترغب حاليًا في تحمل هذه العواقب. كما أن تدخل الصين المباشر في الصراع ودعم اليمن قد يُلقي بظلاله على التعاون مع دول الخليج الفارسي نظرًا لعلاقاتها الواسعة مع هذه الدول. يعتمد الوجود الصيني طويل الأمد في منطقة الخليج الفارسي على سياستها الأمنية في المنطقة اليمنية، لأن تصعيد الصراع واستمراره قد يضر بخطط الصين طويلة الأمد في هذه المنطقة .

الخلاصة
تتمثل السياسة الرسمية للصين تجاه الصراعات الدولية في الحذر وتجنب التدخل المباشر في التوترات الناشئة. وترى الصين في القضايا الدولية فرصًا متاحة لها، وينطبق هذا أيضًا على الصراع في اليمن مع النظام الإسرائيلي وحصاره البحري. ونظرًا لعلاقاتها الجيدة مع دول الخليج الفارسي، لا تستطيع الصين أن تقدم دعمًا استخباراتيًا مباشرًا وعلنيًا لليمن، وفي هذه الحالة تتخذ الإجراءات اللازمة لدعم الجيش اليمني، مستعينةً بشركاء من القطاع الخاص لأنها تحتاج في الوضع الراهن (للهجمات اليمنية) تكتيكيًا وعلى المدى القصير، لاستغلال هذا التوتر وللحصول على التنازلات اللازمة من إدارة ترامب.


أميرعلي يگانة

1- https://www.middleeastmonitor.com/20250520-houthis-declare-naval-blockade-of-haifa-port/
2- https://www.reuters.com/world/middle-east/us-says-chinese-satellite-firm-is-supporting-houthi-attacks-us-interests-2025-04-17/
3- https://www.atlanticcouncil.org/blogs/menasource/how-china-turned-the-red-sea-into-a-strategic-trap-for-the-us/
لا توجد تعليقات لهذا المنصب.
الرأي
إرسال تعليق لهذا المقال