الطابع الاستعماري لخطة ترامب للسلام
10 Views

الطابع الاستعماري لخطة ترامب للسلام

شهدنا في الآونة الأخيرة طرح خطة ترامب للسلام المكونة من عشرين نقطة لحرب غزة في وسائل الإعلام(١). تُقدم الحكومة الأمريكية هذه الخطة على أنها محاولة أخيرة للسلام وإنهاء الحرب في غزة، بينما ينظر إليها قادة الدول العربية بعين الريبة، بل إن بعض وسائل الإعلام أشارت إلى تعديلات على خطة السلام قبل أن تكشف عنها الدول العربية. فيما يلي، سنتناول طبيعة خطة السلام الأمريكية المكونة من عشرين نقطة لإنهاء الحرب في غزة.

استبعاد الفلسطينيين من عملية صنع القرار:
قُدمت هذه الخطة دون حضور ومشاركة الفلسطينيين، وهي تُذكرنا بالتكتيكات الإمبريالية مثل وعد بلفور. ويعود غياب مشاركة الجانب الفلسطيني في الخطة المذكورة أعلاه إلى الرؤية المُسيّسة لواضعيها. لا يزال المحور الغربي بقيادة الولايات المتحدة في مناخ من القوة يُملي سياساته على دول العالم. إن تصميم تطلعات الحكومات المذكورة آنفًا في عواصم الدول الغربية وإرسالها إلى الجهات الفاعلة في غرب آسيا كخارطة طريق لتنفيذ السلام هو نفس الإجراءات الإمبريالية في عالمنا الحديث اليوم.

فرض الاستسلام على المقاومة الفلسطينية:
وفقًا للخطة يجب على حماس تسليم أسلحتها والانسحاب من إدارة غزة، وفي المقابل يجب تسليم أمن الفلسطينيين إلى إسرائيل؛ وهذا يعني حرمانهم من حق الدفاع عن النفس (٢). في الخطة المذكورة أعلاه يجب تسليم الأصول الاستراتيجية للمقاومة، مثل الأنفاق والأسلحة وأدوات القوة الأخرى مما يعني استسلامًا بنسبة 100٪. الدول التي تؤمن بالديمقراطية لا تتسامح حتى مع الوجود السلمي لجماعات المقاومة في الهيكل الإداري لغزة.

إقامة إشراف خارجي دائم:
سيتم تشكيل الحكومة الانتقالية في غزة ليس على أساس انتخابات ديمقراطية، ولكن تحت إدارة لجنة فنية غير سياسية بإشراف دولي (ترامب وتوني بلير)، مما يعني استمرار الهيمنة الخارجية. كما تم تنفيذ خطة إدارة غزة من قبل الأجانب مرة واحدة في العراق، مع نتائج كارثية. إن إصرار مصممي خطة السلام على إدارة غزة من قبل لجنة فنية غير محلية يهدف إلى مواصلة التدخل الواضح للدول الغربية في قطاع غزة(٣). مع تنفيذ هذه الخطة ستكون غزة فعليًا تحت السيطرة الكاملة للجانب الصهيوني.

الغموض والاشتراطات في تشكيل الدولة الفلسطينية:
قد يكون تحقيق دولة فلسطينية مستقلة فقط بعد الإصلاحات التي سعى إليها النظام الصهيوني ومع المعايير التي وضعها نتنياهو دون ضمان الحدود أو الاستقلال الحقيقي. إن تنفيذ البنود المتعلقة بمستقبل غزة ليس له خصائص تنفيذ محددة وقد لا يتم تنفيذه أبدًا بتفسيرات صهيونية. وقد صرح نتنياهو مرارًا وتكرارًا أنه لا يؤمن بخطة الدولتين في فلسطين. من الواضح أن هذه الخطة تحتوي على بنود غامضة وقابلة للتأويل بشأن قضايا تتعلق بمستقبل الفلسطينيين في غزة، لكن البنود المتعلقة بالمطالب الصهيونية بالمقاومة تتضمن خصائص تنفيذية وعملية، والبنود المذكورة أعلاه واضحة وغير قابلة للتأويل. إن خطة ترامب ونتنياهو للسلام، مع النقاط المذكورة أعلاه، مصممة بشكل أحادي لصالح الصهاينة.

تجاهل العدالة التاريخية:
فرضت هذه الخطة وقفًا للإجراءات القانونية الفلسطينية في المحكمة الجنائية الدولية، وهمشت فعليًا قضية الضفة الغربية. بقبول هذه الخطة ستسلم المؤسسات الفلسطينية رسميًا جميع سلطاتها لمجلس إدارة غزة، وسيفقد الجانب الفلسطيني القدرة على السعي وراء حقوق الشعب الفلسطيني لفترة غير محددة.
كما تُركت قضية الضفة الغربية دون أي ذكر محدد، مما يعني أن نتنياهو يتمتع بحرية التصرف في منطقة غرب آسيا.

الخلاصة
إن خطة إدارة ترامب لإحلال السلام من خلال القوة تعني إبعاد الفلسطينيين عن حكم بلدهم. حكومة نتنياهو التي لم تحقق أي نجاح يُذكر في الحرب مع شعب غزة، تريد أيضًا إنهاء الحرب لأن ضغط السكان اليهود في الأراضي المحتلة لإنهاء الحرب قد وضع الكثير من الضغط على حكومته. ترامب، الذي تولى السلطة في الولايات المتحدة منذ ما يقرب من عام، يريد أيضًا أن يلعب دورًا في إحلال السلام في فلسطين. ومع ذلك يعتقد العديد من المحللين أن خطة السلام الأمريكية المكونة من 20 نقطة تعني تطبيق القواعد الإمبريالية للغرب التاريخي في العصر الحديث اليوم، وتستحضر بوضوح التوجهات الاستعمارية التاريخية للدول الغربية لاستعمار جديد لدول أخرى في العالم. يبقى أن نرى ما إذا كانت خطة السلام المذكورة أعلاه ستُنفذ أم أن دول المنطقة والمقاومة الفلسطينية ستعارضها.


أميرعلي يگانة

1- https://www.aljazeera.com/news/2025/9/29/heres-the-full-text-of-trumps-20-point-plan-to-end-israels-war-on-gaza
2- https://www.theguardian.com/world/2025/oct/02/hamas-likely-to-accept-trump-peace-plan-with-key-revisions-experts-say
3- https://www.aljazeera.com/opinions/2025/10/1/trumps-gaza-board-of-peace-promises-tony-blair-yet-another-payday
لا توجد تعليقات لهذا المنصب.
الرأي
إرسال تعليق لهذا المقال