الفقر و الرعاية الاجتماعية المعدومة في الأراضي المحتلة
1233 Views

الفقر و الرعاية الاجتماعية المعدومة في الأراضي المحتلة

بعد عملية 7 أكتوبر التي قام بها المقاتلون الفلسطينيون قرر العديد من سكان الأراضي المحتلة العودة إلى الدول الغربية خوفاً من تصاعد التوترات. أما من بقي في الأراضي المحتلة فقد تورط في العديد من المشاكل الداخلية للنظام خلال تلك الفترة (١)، وبما أن هذه المشاكل قائمة في الأراضي المحتلة منذ زمن بعيد، فقد اتسع نطاقها اليوم وظهرت نتائجها. فيما يلي سنتناول الوضع الاقتصادي للمهاجرين الصهاينة وتأثيره على النسيج الاجتماعي للنظام.

ضغط اقتصادي كبير على الطبقة العاملة
تحدثت وسائل إعلام النظام الإسرائيلي في تقارير عديدة عن الوضع الاقتصادي السيء للأسر المقيمة في الأراضي المحتلة. كما تقدم العديد من العائلات التي يعمل فيها أزواج وزوجات بطلبات للحصول على مساعدات مالية، مما يشير إلى أن الأزمة قد امتدت من الطبقة الفقيرة إلى الطبقة المتوسطة. وكانت قد ركزت حكومة نتنياهو على تصعيد التوترات العسكرية في دول المنطقة، ولم تُعر المشاكل الاقتصادية لسكان الأراضي المحتلة أي اهتمام لها. وربما يُوسّع هذا الضغط الاقتصادي نطاق الهجرة العكسية الصهيونية.(٢)

ضعف المستوطنين في الشمال
أدى انعدام الأمن وأزمة المعيشة في المناطق الشمالية من فلسطين المحتلة إلى تعميق معاناة المهاجرين الصهاينة، ومهّد الطريق لزيادة الهجرة العكسية أو تهجير المستوطنات. مع الحروب التي اندلعت والوضع غير المستقر على حدود لبنان والكيان الصهيوني، يعيش المستوطنون الشماليون التابعون للنظام وضعًا غامضًا، يُذكرنا ببدايات تأسيس الكيان والتوترات الحادة التي سادت في تلك الحقبة من الزمن.

تآكل حاد في رأس المال الاجتماعي للنظام وأزمة الهوية والشرعية
تُشير الحاجة المتزايدة للمساعدات الحكومية إلى ضعف القدرة الهيكلية للنظام الإسرائيلي على توفير الرعاية الاجتماعية، وقد تُقوّض ثقة الجمهور بالمؤسسات الحاكمة. هذا الضعف الهيكلي الناتج عن حملات الحرب التي شنتها الحكومات الصهيونية في السنوات الأخيرة(٣)، مثّل أزمة رأس المال الاجتماعي للنظام والتي لا يمكن علاجها إلا بتغيير نموذج الحكومة الصهيونية، فبدلاً من تعزيز اقتصادها ومساعدة أضعف شرائح المجتمع، اكتفى النظام بالاستثمار في العسكرة وصناعة الحرب مما تسبب في تآكل حاد في رأس المال الاجتماعي للنظام. تجدر الإشارة إلى أن أحد الوعود التي قُدمت للمهاجرين الصهاينة كان توفير وضع اقتصادي مزدهر مناسبة لهم، لكن التجربة المعيشية التي عاشها هؤلاء المهاجرون كانت معاناة الفقر والمشاكل الاقتصادية. وقد كان هذا التناقض بين الوعود المعلنة والتجربة المعيشية على أرض الواقع باهظ الثمن بالنسبة لهم، وقد تكون نتيجة هذا الوضع تراجعًا في الشرعية الأيديولوجية للنظام والمشروع الصهيوني.

الضغط النفسي والإعلامي
رسم انعكاس هذا الوضع في وسائل الإعلام العبرية والدولية صورة هشة للمجتمع الصهيوني، وساهم في تعزيز رواية المقاومة حول عجز النظام المحتل. وخاصةً خلال السنوات الثلاث الماضية، وتشير الرواية التي تناقلتها وسائل الإعلام الدولية عن مجتمع الكيان الإسرائيلي إلى مشاكل مستشرية أخفتها الحكومات الغربية وحكومة النظام قبل عملية 7 أكتوبر. وقد خلق هذا الوضع ضغطًا نفسيًا وإعلاميًا غير مسبوق على السكان والمواطنين الإسرائيليين إلى جانب المشاكل الاقتصادية. وقد أدى هذا الوضع إلى تآكل الطبقتين العليا والمتوسطة في المجتمع الصهيوني، وإذا لم تتخذ حكومة النظام إجراءات حيال ذلك، فإن عملية هجرة سكان النظام الصهيوني ستزداد بشكل لا يمكن تصوره في السنوات القادمة.

الخلاصة
يعيش المهاجرون اليهود الذين قدموا إلى الأراضي المحتلة في السنوات الماضية تحت ظل وعود زائفة وسراب الرخاء الاقتصادي في وضع محفوف بالمخاطر. هذا الغموض في الحياة اليومية للناس يمكن أن يكون مصدرا لتغييرات واسعة النطاق في النظام، لأنه إذا فشل هؤلاء الناس في الوفاء بالوعود المقدمة لهم، فسوف يذهبون إلى وطنهم في أوروبا وأمريكا، وبالنسبة للحكومة الصهيونية سيكون هذا الوضع بمثابة حكم الإعدام على هذا الكيان. لأن أحد الخطوط الحمراء للنظام هو تقليص عدد السكان في الأراضي المحتلة لأنه بدون وجود الشعب الى جانبه فإن الأراضي الصغيرة المحتلة من قبل الصهاينة ستكون بلا دفاع وعرضة للخطر من قبل الأطراف الإقليميين والمحليين الشرسين.


أميرعلي يگانة

1- https://www.jpost.com/israel-news/article-847826
2- https://alestiklal.net/en/article/surge-in-reverse-migration-among-jews-from-israel
3- https://www.dw.com/en/israel-economy-iran-hamas-technology-industry/a-72960150
لا توجد تعليقات لهذا المنصب.
الرأي
إرسال تعليق لهذا المقال