القبة الذهبية لترامب للحماية أم للدعاية؟
960 Views

القبة الذهبية لترامب للحماية أم للدعاية؟

في تاريخ 20 مايو 2025، أعلن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب رسميًا عن إطلاق مشروع جديد و طموح يُسمى "القبة الذهبية" وهو نظام دفاع صاروخي أمريكي متعدد الطبقات يهدف إلى مواجهة مجموعة واسعة من التهديدات الجوية من ضمنها الصواريخ الباليستية وصواريخ كروز والصواريخ التي تفوق سرعة الصوت وأيضا الصواريخ الفضائية بميزانية أولية قدرها 25 مليار دولار، وتكلفتها الإجمالية المقدرة بـ 175 مليار دولار بنهاية رئاسة ترامب في عام 2029، يَعِد هذا المشروع المبتكر بتحول كبير في مجال الأمن الجوي، وإعادة تعريف العلاقات الأمنية والدبلوماسية في منطقة أمريكا الشمالية بل وقد يُمهد الطريق لتغييرات في الجغرافيا السياسية العالمية.

صُممت هذه القبة الذهبية كنظام دفاع صاروخي شامل يدمج تقنيات متقدمة لحماية الولايات المتحدة من مجموعة واسعة من التهديدات الجوية. بخلاف الأنظمة الحالية مثل نظام الدفاع الأرضي المتوسط (GMD) أو نظام الدفاع الصاروخي الباليستي "إيجيس"، والتي تُركز على أنواع مُحددة من الصواريخ، يهدف مشروع "القبة الذهبية" إلى توفير درع دفاعي قوي ومتعدد الطبقات تشمل المكونات الرئيسية للمشروع ما يلي:

أجهزة استشعار فضائية: تُوفر هذه الأجهزة قدرات الإنذار المُبكر وتتبع الصواريخ القادمة، مما يُتيح الاستجابة السريعة.
أنظمة اعتراض مُتقدمة: مُصممة لتحييد التهديدات في مراحل مُختلفة من الطيران، من مرحلة الدفع إلى المرحلة النهائية.
أنظمة أرضية: تُعزز الدفاعات الحالية لإنشاء شبكة مُتماسكة.
قدرات الحرب السيبرانية والإلكترونية: حماية النظام من أي خلل مُحتمل .(1)

يقود المشروع الجنرال مايكل جوتلين، نائب رئيس عمليات الفضاء في القوات الفضائية الأمريكية، والذي تُعتبر خبرته في التقنيات الفضائية بالغة الأهمية لنجاح المشروع. وقد وصف الرئيس ترامب "القبة الذهبية" بأنها "نظام مُتقدم" قادر على اعتراض الصواريخ المُطلقة من أي مكان، بما في ذلك الفضاء، وأكد على دورها في حماية الوطن (2). يتطلب الجدول الزمني الطموح للوصول إلى القدرة التشغيلية الكاملة بحلول عام 2029 تقدمًا تكنولوجيًا كبيرًا والتزامًا ماليًا ضخمًا لإنجاح المشروع. ومن الجوانب المهمة لمشروع "القبة الذهبية" اهتمام كندا المُعلن بالمشاركة في المشروع، على الرغم من التوترات الدبلوماسية الأخيرة مع الولايات المتحدة. وقد أكد مكتب رئيس الوزراء مارك كارني أن المناقشات جارية لاستكشاف سبل التعاون للانضمام إلى المشروع، مما قد يُعزز قيادة الدفاع الجوي الفضائي لأمريكا الشمالية (NORAD) ويُوازن القدرات الدفاعية الكندية مع قدرات الولايات المتحدة. ويعكس هذا الاستعداد للتعاون إدراكًا مشتركًا لأهمية الأمن الجوي في عصر التهديدات الصاروخية المتقدمة.(3)

في الوقت نفسه، تُراجع كندا التزامها ببرنامج مقاتلات إف-35، وتدرس الخيارات الأوروبية كجزء من إعادة تعريف أوسع لاستراتيجيتها الأمنية. قد تؤثر هذه المراجعة على التوافق التشغيلي مع الأنظمة الأمريكية، خاصةً إذا اختارت كندا طائرات غير أمريكية مما قد يُعقّد العمليات المشتركة في إطار القبة الذهبية. ومع ذلك فإن احتمال التعاون في مشروع الدفاع الصاروخي هذا يشير إلى أن كلا البلدين يُعطيان الأولوية للمصالح الأمنية المشتركة على الخلافات الثنائية، مما قد يُعزز العلاقات الأمريكية الكندية على المدى الطويل. بالإضافة إلى ذلك تُعد القبة الذهبية جزءًا أساسيًا من استراتيجية الولايات المتحدة لاحتواء القدرات الصاروخية المتنامية للصين وروسيا. ووفقًا لوكالة استخبارات الدفاع، تمتلك الصين حوالي 400 صاروخ باليستي عابر للقارات، بينما تمتلك روسيا 350 صاروخًا، ويعمل كلا البلدين على تطوير أنظمة لاستغلال الثغرات في الدفاعات الأمريكية.

يهدف نظام القبة الذهبية إلى مواجهة هذه التهديدات من خلال التقنيات الفضائية المتقدمة والصواريخ الاعتراضية. ومع ذلك فإن فعالية المشروع موضع جدل. قرب روسيا من حدود الولايات المتحدة وخاصةً في القطب الشمالي يعني أن صواريخها قد تصل إلى الأراضي الأمريكية في غضون دقائق، مما يُشكك في قدرة النظام على توفير حماية شاملة. وقد وصف منتقدون بمن فيهم السيناتور جاك ريد ميزانية المشروع بأنها "مبالغ فيها" وتفتقر إلى خطة مفصلة، مما أثار مخاوف بشأن جدواه وتكاليفه غير المنطقية. ويجادل بعض الخبراء أيضًا بأن القبة الذهبية قد تُصعّد سباق تسلح عالمي، وخاصةً مع الصين التي ترى في المشروع خطوةً نحو عسكرة الفضاء وتعتقد أن مثل هذا السلوك قد يؤدي إلى زيادة التوترات العالمية.(4)

وأخيرًا على الرغم من أن مشروع القبة الذهبية يتماشى مع السياسات الأمريكية لاحتواء الصين وروسيا، إلا أن فعاليته لا تزال موضع شك. فنظرًا لقرب روسيا الجغرافي من حدود الولايات المتحدة وقدراتها الصاروخية المتقدمة لا يمكن للمشروع وحده ضمان الأمن الكامل.

ويعتقد بعض النقاد أن القبة الذهبية أشبه بعرض دعائي أكثر من أنه استراتيجية شاملة للأمن القومي، تهدف إلى إظهار القوة أكثر من معالجة جميع نقاط الضعف. مع ذلك تُعدّ القبة الذهبية خطوةً مهمةً في تطوير فكر الدفاع الصاروخي الذي يدمج الأصول الفضائية والبرية لمواجهة التهديدات الحديثة. ويعتمد نجاحها على التقدم التكنولوجي، والتعاون الدولي، وتقييم واقعي للمخاطر الجيوسياسية. ومع شروع الولايات المتحدة في هذا المشروع الباهظ التكلفة عليها أن تُوازن بين الطموح والواقعية لضمان مستقبل أمن أمريكا الشمالية مع مواجهة ضغوط زيادة تكلفة المشروع التي يتحملها دافعو الضرائب الأمريكيون.



محمد إسماعيل خانيان

1- https://www.reuters.com/world/us/trump-make-golden-dome-announcement-tuesday-us-official-says-2025-05-20/
2- https://abcnews.go.com/Politics/trump-unveil-plans-us-missile-defense-shield-cost/story?id=121995258
3- https://www.cnn.com/2025/05/21/politics/trump-golden-dome-missile-intl-hnk
4- /https://www.washingtonpost.com/politics/2025/05/20/trump-golden-dome-missile-defense
لا توجد تعليقات لهذا المنصب.
الرأي
إرسال تعليق لهذا المقال