القوة الاقتصادية الإيرانية واقتصاد المقاومة في الحرب مع الكيان الصهيوني
خلال حرب الإثني عشر يومًا التي شنها الكيان الصهيوني على الجمهورية الإسلامية الإيرانية، توقع العديد من المحللين الغربيين انهيارًا اقتصاديًا سريعاً لإيران وتفاقمًا في مشاكلها الداخلية لكن هذا التوقع لم يتحقق على الأرض. خلال هذه الحرب تم تلبية احتياجات الشعب الإيراني من الغذاء والدواء ولم تكن هناك أي مشاكل في مجال إمدادات الوقود والكهرباء.(١) كما واصلت الصناعات الدفاعية إنتاجها نظرًا للبنية التحتية المحلية القائمة ولم تكن هناك أي مشكلة في توريد الأسلحة. جميع هذه الحالات تُظهر أن إيران على الرغم من المشاكل التي واجهتها بسبب العقوبات الدولية قد بنت اقتصادها المقاوم، ويمكنها تلبية احتياجاتها في الأوقات الحرجة بالاعتماد على قوتها المحلية. فيما يلي سنتناول الوضع العام لإيران خلال حرب الإثني عشر يومًا من جوانب مختلفة.
بتكلفة منخفضة وكفاءة عالية في الحرب: ارتكزت السياسة العسكرية الإيرانية خلال حرب الاثني عشر يومًا على عدم الدخول في حرب شاملة واستخدام معدات عسكرية رخيصة نوعاً ما. حيث تمكنت هذه السياسة من إلحاق هزيمة عسكرية واقتصادية بالغة بالكيان المحتل باستخدام طائرات مسيرة وصواريخ متطورة محلية الصنع ورخيصة الثمن، مما اضطر النظام الصهيوني إلى إنفاق صواريخه الباهظة والمحدودة لصد الهجمات الإيرانية (طائرات مسيرة، وصواريخ) من أجل صد الهجمات الإيرانية على دفاعاته الأجنبية الباهظة الثمن.(٢) وتمكنت استراتيجية إيران من دفع النظام وداعميه الغربيين إلى اليأس في الأيام الأخيرة من الحرب، وكانت عملية الدعم العسكري للنظام صعبة للغاية، ولم يكن أمام النظام خيار آخر سوى طلب وقف إطلاق النار.
تشير نسبة التكلفة إلى الفائدة لدى الجيش الإيراني، وبالنظر إلى البنية التحتية المحلية للمعدات الإيرانية، إلى صحة اعتماد إيران على سياسة اقتصاد المقاومة في ظروف الحرب، كما أن الضرر الاقتصادي الذي لحق بالنظام، والذي يُقدر بنحو 4.5 مليار شيكل وفقًا للمحللين، يُظهر أن ميزان الحسابات في المعركة يميل بشكل كبير لصالح إيران.
الاعتماد الكامل على الإنتاج المحلي: تُظهر تجربة الحروب الدولية والإقليمية أن معظم الدول تحتاج إلى دول أخرى لتوريد الأسلحة والدعم العسكري في خضم الحرب، ولكن في الحرب الأخيرة على إيران ونظرًا لتوطين صناعتها العسكرية لبت إيران جميع احتياجاتها ولم يحدث أي انقطاع في سلسلة التوريد العسكري للقوات المسلحة حتى عندما كان النظام يهاجم المواقع العسكرية والمدنية الإيرانية باستخدام مختلف الأنواع من العملاء والطائرات الصغيرة والطائرات المسيرة.
إدارة أزمة العقوبات والاستقرار الاقتصادي: بالنظر إلى تجربة طويلة ولأكثر من عقد من العقوبات الكبرى المفروضة عليها، استطاعت إيران إدارة الحالة العامة للاقتصاد الإيراني من خلال إدارة الشؤون الاقتصادية في ظل الالتفاف على العقوبات وتقليل آثارها وتطبيق الإجراءات الصحيحة وأنقذت البلاد من التضخم في زمن الحرب والمجاعة وتراكم الديون الدولية الناجمة عن الركود الاقتصادي، حتى أن صادرات الطاقة استمرت دون أي مشاكل. تشير هذه الحالات إلى أهمية تطبيق اقتصاد المقاومة في إيران. وعلى الحكومات من الآن فصاعدًا إكمال خطة الاكتفاء الذاتي واستكمال خطط اقتصاد المقاومة.
إلحاق الضرر النفسي والاقتصادي بالعدو: لم تعتقد حكومة نتنياهو أن الحرب المفروضة التي خططت لها ستكون لها نتائج اقتصادية مدمرة على النظام الإسرائيلي. فقد أدت هجمات إيران الدقيقة على الأراضي المحتلة إلى ضرب الاقتصاد و قطع رأس المال الدولي الذي كان في طريق الاستثمار لدى النظام، وأغلقت العديد من المراكز الصناعية للكيان أو شبه أغلقت خوفًا من الهجمات الإيرانية، وزادت الهجرة العكسية لليهود إلى المناطق الحدودية للأراضي المحتلة مرة أخرى. كما انهارت حالة الأمان النفسي للصهاينة بسبب هجمات إيران المنتظمة صباحًا ومساءً. و تم القضاء على الأمن السائد الذي كان النظام يخدع شعبه به لسنوات بفضل العمليات العسكرية الإيرانية. وكان هروب رأس المال وسقوط بورصة تل أبيب أيضًا من النتائج الاقتصادية لهجمات إيران على إسرائيل وهذا زاد من خسائر الكيان.
خلاصة القول، لا بد من التأكيد على إن حرب النظام الصهيوني التي استمرت 12 يومًا ضد إيران، رغم تخطيطها كانت لها نتائج عكسية تمامًا على أعداء إيران. وبفضل إجراءات إيران واقتصاد المقاومة الذي تجلّت ثماره في الصناعات العسكرية والاقتصاد الوطني فقد تحقق النصر لإيران. وأما الضرر الذي لحق بإيران يمكن إصلاحه لكن على إيران وضع الخطط اللازمة لسياسة الأمن الشامل (الردع الكامل) حتى لا ينوي أي طرف سياسي في العالم شن الحرب على إيران وتدمير قوة الردع الإيرانية.
الرأي
إرسال تعليق لهذا المقال