القوة الخفية للرأي العام في منطقة غرب آسيا
244 Views

القوة الخفية للرأي العام في منطقة غرب آسيا

لقد انحسرت قضية تطبيع العلاقات بين الدول العربية والكيان الصهيوني و كانت هذه القضية أحد البرامج الرئيسية لإدارة ترامب بسبب الأحداث الأخيرة في غزة وما تلاها من إبادة جماعية. وفي ظل الصراع الدائر بين الكيان الإسرائيلي وإيران، فإن الوضع في المنطقة أصبح معقد أيضًا،(١) لأن شعوب الدول العربية غير راضية إطلاقًا عن قضية تطبيع العلاقات مع النظام لأنها تشهد أحداثًا لا تتوافق مع روحها الإسلامية في الدفاع عن المظلومين والأخوة الإسلامية، وقد تكون هذه القضية نقطة تحول في مفاوضات السلام بين العرب والنظام. سنكمل دراسة قدرات هذه القوة الخفية للرأي العام في منطقة غرب آسيا من خلال هذا المقال.

أصل التوترات والسياق الاجتماعي:
تعود التوترات بين العرب والكيان الإسرائيلي إلى تأسيس الدولة اليهودية في فلسطين، حيث يُجادل العرب بأن النظام هجّر سكان المنطقة الفلسطينية قسرًا من ديارهم، وقد تسببت هذه القضية في حروب عديدة بين العرب والنظام في السنوات الأولى لقيام الدولة الصهيونية. بعد الهزائم العسكرية العديدة التي مُنيت بها الحكومات العربية أمام النظام، الذي كان مدعومًا من الولايات المتحدة توصلت معظم الدول العربية إلى قناعة بضرورة مواجهة النظام بالسلام والحوار، وأنهم لن يصبحوا، إن جاز التعبير، خصومًا عسكريين له. وقد أدى هذا الوضع المُهين للدول العربية إلى هزيمة الشعوب المسلمة في منطقة غرب آسيا وإذلالها روحيًا. وبناءً على هذه التفسيرات بالإضافة إلى مجازر النظام في فلسطين المحتلة على مر السنين، ستدعم شعوب المنطقة إجراءات إيران الهجومية وترد على عدوانها العسكري. وستُضعف عواقب توتر النظام مع إيران أيضًا مشروع السلام الفاشل بين العرب والنظام، وستُعارض شعوب المنطقة على نطاق واسع خطة ترامب المثيرة للجدل للتوفيق بين العرب والنظام الصهيوني. إن نزع الشرعية عن النظام قد يُقيد أيدي الحكومات العربية للتعاون مع النظام الصهيوني. تُمثل هذه القوة التي يتمتع بها الرأي العام العربي قضيةً خطيرةً لحكومات منطقة غرب آسيا.

مخاوف من انتشار الصراع:
لدى شعوب منطقة غرب آسيا مخاوفها الخاصة من تصاعد التوتر بين إيران والنظام. ومع تزايد الصراع والتوتر، هناك احتمال أن تتضرر الدول العربية أيضًا نظرًا لموقعها الجغرافي بين إيران والنظام. فإذا تصاعد التوتر والصراع وتضررت الصناعات النووية الإيرانية، فهناك احتمالٌ لظهور مخاطر بيئية على دول الخليج الفارسي(٢)، وهذا الأمر له تأثيرٌ سلبيٌ على الرأي العام في المنطقة. إن دخول الدول العربية غير المقصود في التوتر بين إيران والنظام قد يُعرّض شعوب منطقة غرب آسيا لمخاطر جسيمة. اليمن ولبنان والعراق وسورية والأردن كلها دول لديها إمكانية الدخول في التوتر بين إيران والنظام الصهيوني في أي لحظة.

المشاعر المعادية لإسرائيل والغرب:
يعود الرأي العام العربي تجاه الوضع الراهن للتوترات في المنطقة إلى التوجهات المتوترة للجبهة الغربية، التي وضعت رسميًا خطةً لتصعيد الصراع في منطقة غرب آسيا، وشعوب المنطقة غاضبة من هذا الوضع المتوتر.

العواقب الجيوسياسية:
بعد إضعاف محور المقاومة العام الماضي، والذي بدا جليًا في نظر شعوب المنطقة فإن هجوم إيران على النظام بعد اعتداءاتها في إيران ولبنان وسورية والعراق يمكن أن يعزز الدعم الشعبي لمنطق محور المقاومة في أذهان مسلمي المنطقة. إن تعزيز الإيمان بمحور المقاومة يمكن أن يسهم بشكل كبير في إعادة بناء وتقوية بنيته التحتية. ستتمكن إيران بردها القوي على النظام الصهيوني من تعزيز حلفائها أكثر من ذي قبل، إذ بالإضافة إلى عزم إيران، فإنّ قوةً دافعةً أخرى وهي الحماس العربي لشعوب المنطقة ستدعم أيضًا موقف إيران لدعم محور المقاومة الذي سيكون الترياق ضد إضعافه العام الماضي.

الخلاصة
ينبغي القول أنه سيكون العدوان الذي شنّه الكيان على إيران بدايةً لسلسلةٍ من الأحداث التي ستُواجه منطقة غرب آسيا بتحوّلٍ غير مسبوق. إنّ تزايد المشاعر المعادية للغرب والصهيونية، وتهميش السلام بين العرب والنظام، وتزايد التعاطف والمساعدة للشعب الفلسطيني المضطهد، قد تكون تبعاتها مباشرة وغير مباشرة على الصراع بين إيران والنظام الصهيوني.



أمير علي يگانة


1- https://apnews.com/article/iran-explosions-israel-tehran-00234a06e5128a8aceb406b140297299
2. https://www.hamshahrionline.ir/news
لا توجد تعليقات لهذا المنصب.
الرأي
إرسال تعليق لهذا المقال