المطالب الأمريكية المفرطة في المفاوضات مع الصين
1417 Views

المطالب الأمريكية المفرطة في المفاوضات مع الصين

تقترب الولايات المتحدة والصين من عقد مفاوضات اقتصادية بينهما(١)، وترى وسائل الإعلام الدولية ذلك مؤشرًا على انخفاض التوترات بين البلدين. ومن الأخبار التي تناولتها الصحافة الغربية في الأيام الأخيرة مطالبة الولايات المتحدة الصين بوقف شراء النفط من روسيا وإيران. وهذا يُشير إلى المطالب الأمريكية المفرطة حتى قبل بدء المفاوضات الاقتصادية مع الصين. يبحث هذا المقال سبب مطالبة الولايات المتحدة الصين بوقف شراء النفط من إيران وروسيا؛
الطريق الصحيح لإيران في المقاومة الاقتصادية:

يُظهر طلب الولايات المتحدة المُلحّ من الصين وقف شراء النفط من إيران(٢) أن المسار الذي اختارته طهران للمقاومة الاقتصادية يُطبّق بشكل صحيح. إن هذا المسار للمقاومة الاقتصادية فعّال و ذو جدوى حتى في ظل العقوبات الاقتصادية، وقد أثار هذا قلقًا متزايدًا لدى إدارة ترامب لأن أحد أهداف العقوبات الاقتصادية الأمريكية على إيران هو عزلها، وهذا ما تعمل طهران على إدارته بشكل صحيح. تسعى الولايات المتحدة من خلال الصين وبطريقة غير مباشرة، إلى عزل إيران بشكل أكبر.

الصين شريك استراتيجي ومستقل في مواجهة الأحادية الأمريكية:
بالنظر إلى حالة العلاقات الثنائية بين إيران والصين والتي تشمل علاقات تجارية ونفطية واسعة النطاق، والتي تُشكل جزءًا كبيرًا من هذه الشراكة الاستراتيجية، فإن احتمال امتثال الصين للمطالب المفرطة للولايات المتحدة ضئيل وضعيف، وستستمر العلاقات الثنائية بين إيران والصين على مستواها الحالي. ترغب الصين في إقامة علاقات طويلة الأمد مع إيران(٣)، وقد اعتمدت على احتياطيات إيران النفطية في مباحثاتها حول الطاقة.

الدبلوماسية الإيرانية النشطة، وفشل سياسة الضغط مجددًا:
بدأت الاستراتيجية الأمريكية الرئيسية لاحتواء إيران في الولاية الثانية لإدارة ترامب بتغييرات مقارنة بالولاية السابقة، وهي مزيج من التفاوض والحرب والضغط على حلفاء إيران. وكما تُظهر الأدلة، فإن هذه السياسة قد فشلت حتى الآن، بل إنها قرّبت دول المحور الشرقي من إيران. لقد انتهجت إيران في السنوات الأخيرة سياسةً قوامها تعزيز علاقاتها مع المحور الشرقي وتوسيع شراكتها مع المنظمات الشرقية كمًّا ونوعًا، وقد أثمرت هذه الممارسة التفافًا على العقوبات الأمريكية. وقد دفعت علاقاتها مع دول البريكس ومنظمة شنغهاي للتعاون، الولايات المتحدة إلى تبني سياسة ضغط على حلفاء إيران، مما يُظهر عجزها عن احتواء إيران بشكل مباشر.

تعزيز مكانة إيران في النظام العالمي الجديد:
ساهم تعاون الصين الواسع مع إيران في مختلف المجالات، بما في ذلك الطاقة، في تعزيز مكانة إيران في النظام متعدد الأقطاب المستقبلي، وقد قلّص هذا الوضع الهيمنة الاقتصادية للولايات المتحدة في النظام العالمي، وإذا استمر هذا التوجه فسيعزز مكانة إيران إقليميًا ودوليًا بشكل أكبر.

اختبار التوازن الصيني في القضايا الدولية:
قد تكون المفاوضات الاقتصادية المقبلة بين الولايات المتحدة والصين اختبارًا لبكين في تحقيق التوازن بين مصالحها الاقتصادية في الغرب وعلاقاتها الاستراتيجية مع إيران وروسيا. إذا تخلّت الصين عن مصالحها الاستراتيجية في قطاع الطاقة، ولو بشكل محدود، مثل وقف شراء النفط من إيران وروسيا، فإن سوق الطاقة العالمي والمعادلات الجيوسياسية ستتأثر بشدة، وهذا يُعدّ فوزًا كبيرًا للولايات المتحدة لأنها تمكنت من اختراق منافسيها وتجاوز مصالح الصين وروسيا وإيران، كما يُعتبر خطرًا على خطط الصين طويلة المدى.

الخلاصة
إن الحوار بين الولايات المتحدة والصين يمكن أن يؤثر على التطورات الإقليمية والدولية، ويعتمد مصير العديد من الأحداث على الحوار بين البلدين ونتائجه. كما إن قبول الولايات المتحدة لطلب الصين شراء النفط من إيران وروسيا من عدمه قد يكون له مصيران مختلفان ومتمايزان لمستقبل المنطقة. علينا انتظار المفاوضات بين الولايات المتحدة والصين. فنتائج هذا الحدث المهم ستؤثر بلا شك تأثيرًا كبيرًا على مواقف روسيا وإيران.


أميرعلي يكانة

1. https://www.reuters.com/world/china/us-china-launch-new-talks-tariff-truce-extension-easing-path-trump-xi-meeting-2025-07-28/
2. https://www.bbc.com/news/articles/c056pyv723vo
3. https://www.globaltimes.cn/page/202507/1338525.shtml
لا توجد تعليقات لهذا المنصب.
الرأي
إرسال تعليق لهذا المقال