الوضع الاقتصادي للكيان الصهيوني بعد اتفاق وقف إطلاق النار
بعد اتفاق وقف إطلاق النار بين حكومة الكيان الصهيوني وحركة حماس والذي تم التوصل إليه بجهود ومتابعة من الدول العربية والولايات المتحدة، تُركز حكومة نتنياهو على تهيئة ظروف طبيعية في الأراضي المحتلة. ومن أهم القضايا في إدارة بيئة ما بعد الحرب في فكر نتنياهو تحقيق السلام الاقتصادي للمهاجرين الصهاينة. ونظرًا للشعارات العديدة التي رفعها مؤسسو الكيان الصهيوني بشأن رفاهية وتقدم سكان فلسطين المحتلة اقتصاديًا، بهدف جذب اليهود من جميع أنحاء العالم، تُعتبر هذه القضية بمثابة نقطة ضعف للحكومات الصهيونية المختلفة في الأراضي المحتلة. هذه الدراسة تتناول الوضع الاقتصادي للكيان الصهيوني في بيئة ما بعد الحرب.
إقرار ميزانية 2026 في ظل حرب غزة:
عادة يكون تاريخ 31 أكتوبر هو الموعد النهائي لإقرار ميزانية الحكومة الصهيونية، ولكن نظرًا للظروف الاستثنائية التي واجهتها حكومة نتنياهو خلال العامين الماضيين، وعادةً ما يتم تمديد هذا الموعد. إن تأخير إرسال الميزانية إلى الكنيست وخاصةً في ظل انعدام مبررات الحرب والوضع الأمني يُشكل ضغطًا على حكومة نتنياهو للانتهاء من مشروع قانون الميزانية في أسرع وقت ممكن. ونظرًا لضعف استعداد الحكومة سيُرسل مشروع القانون المذكور إلى الكنيست متأخرًا، مما سيُكلف اقتصادها تكاليف باهظة. ينص قانون الحكومة على أنه في حال عدم استيفاء شروط إقرار الميزانية سيتم حل الكنيست مما يعني خلق أزمة جديدة لحكومة نتنياهو .
وضع اللاجئين الإسرائيليين:
وفقًا لتقديرات حكومة نتنياهو سيستغرق الأمر عامين حتى يستقر السكان الإسرائيليون الذين هُجّروا من منازلهم المغتصبة نتيجة عملية "طوفان الأقصى" في منازلهم الجديدة، مما قد يكون له تأثير اقتصادي ونفسي كبير على اللاجئين الإسرائيليين. كما يؤثر هذا الوضع على الهجرة العكسية للإسرائيليين. إضافةً إلى ذلك سيُحمّل اللاجئون الذين وجدوا مأوى في منازل مؤقتة تكاليف باهظة على اقتصاد النظام الهش.
تأثير انتهاء حرب غزة على فرص العمل ونمو الناتج المحلي الإجمالي الإسرائيلي:
وفقًا للتقييمات سيشجع تطبيق وقف إطلاق النار في غزة على إعادة فتح الشركات في النظام الإسرائيلي وتقليل إغلاقها. وفي حال نجاح النظام في إتمام الاتفاق مع حماس، فمن المتوقع أن تتحسن معنويات أصحاب الأعمال وتعود إلى مستويات ما قبل الحرب، إلى جانب خفض سعر الفائدة في بنك إسرائيل إلى 3.75%. وبناءً على ذلك يُقدَّر أن معدل خلق فرص العمل سيزداد بمعدل 5665 وظيفة، وأن معدل فقدان الوظائف الشهري سينخفض بمعدل 3890 وظيفة، أي أنه ستُضاف 1775 وظيفة جديدة شهريًا. ومن المتوقع أن يكون لانتهاء الحرب أثر إيجابي على النشاط الاقتصادي، وأن يؤدي إلى زيادة ملحوظة في الناتج المحلي الإجمالي. ووفقًا لتوقعات بنك إسرائيل الصادرة في سبتمبر، في حال نجاح إسرائيل في إتمام الاتفاق مع حماس وإنهاء الحرب سينمو الناتج المحلي الإجمالي بنسبة 2.9% بنهاية هذا العام، وبنسبة 4.7% في عام 2026. وفي حال نجاح إسرائيل في إتمام الاتفاق مع حماس وإنهاء الحرب من المتوقع أن يصل التضخم إلى 2.8% بنهاية عام 2025، و2.2% بنهاية عام 2026.
التكاليف الباهظة للحرب على سكان غزة:
وفقًا للدراسات الإقتصادية تُقدَّر تكاليف الحرب وعواقبها المباشرة على اقتصاد النظام بنحو 93 مليار دولار. وشهد اقتصاد الكيان الإسرائيلي تراجعًا في النمو الاقتصادي خلال العامين الماضيين، ويُعدّ هذا أمرًا بالغ الأهمية للتخطيط الاقتصادي المستقبلي للنظام في بيئة ما بعد الحرب، إذ يجب أن تتمحور خططه الاقتصادية حول تعويض الديون المذكورة آنفًا والسعي إلى خلق بيئة اقتصادية متوازنة. وخلال العامين الماضيين واجه مواطنو النظام زيادات في الضرائب و توقفت الأجور وإذا تكرر هذا التوجه هذا العام فسينخفض رأس المال الاجتماعي للكيان الصهيوني بشكل حاد.
الخلاصة:
لا بد من القول إن وقف إطلاق النار المفروض الذي وافق عليه النظام قد خلق بيئة اقتصادية غامضة لحكومة نتنياهو نظرًا للمشاكل الاقتصادية الهائلة التي تعاني منها. إن التنافسات والصراعات القائمة في الكنيست، إلى جانب القضايا الاقتصادية العالقة وديون الحرب الباهظة التي تراكمت على الحكومة الصهيونية خلال العامين الماضيين قد جعلت بيئة حكم النظام غير مستقرة وإذا لم يُعالج هذا الوضع في الأشهر المقبلة فهناك احتمال كبير لانهيار حكومة نتنياهو.
الرأي
إرسال تعليق لهذا المقال