بعد مضي أكثر من نصف العام الحالي ٢٠٢٥ بالنسبة لدول المحور الشرقي (الصين، روسيا، كوريا الشمالية، إيران)، أصبحت هذه الدول أكثر تقاربًا جيوسياسيًا، وقد تطور الهدف الرئيسي لهذا المحور وهو مواجهة النظام العالمي ذي التوجه الغربي وفقًا لخصائص واضحة. وتتمتع المنظمات ذات التوجه الشرقي مثل مجموعة البريكس ومجموعة شنغهاي، بوضع أفضل من العام الماضي، حيث ازداد عدد أعضائها كما شهدت عملية التقارب العسكري لهذا المحور نموًا ملحوظاً واضحاً. ومن الناحية الاقتصادية، سمح النظام في الصين بالالتفاف على العديد من العقوبات المفروضة على إيران وروسيا(١)، ومن خلال تلبية احتياجات كل منهما، برز تحدٍّ أساسي للعقوبات الغربية المفروضة على روسيا وإيران. هذا المقال يتناول دراسة تقييم المحور الشرقي بالتفصيل.
استقرار المحور تحت الضغط العسكري :
لم يُؤدِّ العدوان الأمريكي والإسرائيلي على المنشآت النووية الإيرانية في حزيران 2025، وغياب الدعم العسكري المباشر من روسيا والصين، إلى تراجع تعاون الدول الشرقية مع إيران. ووفقًا للتقارير المتاحة ازداد دعم روسيا والصين لإيران بشكل ملحوظ بعد الحرب(٢). تُجهِّز الصين وروسيا إيران عسكريًا لتلبية احتياجات طهران الحالية. كما تلعب كوريا الشمالية دورًا مهمًا في هذا التوجه، حيث زادت من تعاونها العسكري مع إيران مقابل صادرات التكنولوجيا. وقد أظهر المحور الشرقي عزمه لنوع من التعاون المرن مع شركائه، والذي على عكس معاهدات الدفاع التقليدية يُمكن أن يُلبي المصالح المشتركة للشركاء الاستراتيجيين دون التزامات متبادلة ثقيلة. إن مرونة التعاون دون التزامات ثقيلة يُمكن أن تُلبي مصالح المحور الشرقي دون إثارة حساسية الدول المحايدة.
التركيز على التعاون الدبلوماسي والتكنولوجي:
تعتمد إيران على الدعم الدبلوماسي من موسكو وبكين في القضايا النووية (٣)، وتسعى إلى تفعيل المنظمات التي تتخذ من الشرق مقرًا لها، مثل مجموعة البريكس وشنغهاي، بدعم من الصين وروسيا. وبدعم من الدول الأعضاء في المنظمات الدولية من إيران، يصبح عزل طهران بلا جدوى بالنسبة للدول الغربية. وقد برز بُعدٌ آخر لتعاون إيران مع دول المحور الشرقي في مجال الفضاء، بما في ذلك إطلاق قمر صناعي إيراني بصاروخ سويوز الروسي، وتطوير التعاون مع الصين وكوريا الشمالية. إن توسيع التعاون التكنولوجي مع الدول المتقدمة من شأنه أن يعزز نفوذ إيران في تطوير الصناعات متعددة الأغراض (العلمية والعسكرية).
الهدف المشترك للمحور هو مواجهة النظام العالمي الليبرالي:
تسعى هذه الدول إلى تقويض مصالح الولايات المتحدة وحلفائها من خلال تطوير طائرات مسيرة متطورة والالتفاف على العقوبات الغربية. في السنوات الأخيرة خلق المحور الشرقي تحديات جوهرية للدول الغربية باستخدام القوة العسكرية الإيرانية وإبداعها. وتُعد الحرب الأوكرانية مثالاً واضحاً على محنة الدول الغربية. ففي هذه الحرب تمكن الجيش الروسي بدعم من إيران واستخدام مكثف للطائرات المسيرة الهجومية من شل حركة جيش الناتو. ويمكن ملاحظة الأمر نفسه في المجال الاقتصادي، حيث تمكنت الشبكة الاقتصادية للدول الشرقية من السخرية رسمياً من العقوبات الغربية من خلال الالتفاف عليها وتلبية احتياجات إيران وروسيا. يشير التوجه المتنامي للدول الشرقية إلى سعيها الواسع لتقويض القيم العالمية للنظام القائم وإضعاف الولايات المتحدة وحلفائها.(٤)
باختصار، تجدر الإشارة إلى أن عام 2025 كان عاماً مثمراً لدول المحور الشرقي من حيث التقارب. فقد توصلت هذه الدول إلى فهم صحيح لحالة النظام العالمي. لقد حدد النظام الغربي القائم هدفه بشكل واضح والمتمثل في إضعاف الدول المتمردة. ووفقًا لهذا التعريف يجب الضغط على دول المحور الشرقي (إيران، روسيا، كوريا الشمالية، الصين) بكل الوسائل. ستُضعف هذه الدول إيران وروسيا بالحرب العسكرية، والصين بالحرب الاقتصادية، وكوريا الشمالية بتوسيع القيود الجغرافية. يتجلى تطبيق هذا المخطط بإدارة شالأمريكي وشركاؤه بوضوح في المحور الشرقي، وقد اعتمدت دول المحور الشرقي استراتيجية مناسبة لصد هذا البرنامج(٥). وقد يكون عام 2026 بداية حروب عالمية لولادة نظام شرقي جديد. وعلينا انتظار التطورات المستقبلية لرؤية ماسيحدث من تغيرات.
الرأي
إرسال تعليق لهذا المقال