توتر شديد بين موسكو وباكو، استراتيجية جديدة للاتجاه نحو الغرب
934 Views

توتر شديد بين موسكو وباكو، استراتيجية جديدة للاتجاه نحو الغرب

في الأيام الأخيرة ونتيجةً لسلسلة عمليات نفّذها جهاز الأمن الفيدرالي الروسي (FSB) في مدينة يكاترينبورغ الروسية وزيارتهم لمنازل مواطني أذربيجان من أصل روسي، وما أسفر عنه من مقتل شقيقين يُدعيان ضياءالدين وحسين صروفوف، شرعت حكومة أذربيجان في اتخاذ مجموعة من الإجراءات الانتقامية.(1)

وأُشير بدايةً إلى أنه خلال السنوات الأخيرة، شهدت علاقات كل من روسيا وجمهورية أذربيجان العديد من التحديات، من بينها استهداف وسقوط طائرة مدنية تابعة لشركة أذال الأذربيجانية في كازاخستان، والتي أودت بحياة 67 شخصًا، بالإضافة إلى هجوم إلكتروني في فبراير الماضي على البنى التحتية الحكومية في أذربيجان. تزامنًا مع تلك الأحداث، تفاقمت الأوضاع بشكل أدّى إلى أزمةٍ عميقة، حيث تمّ توقيف عدة أفراد، من بينهم عدد من الأذربيجانيين من أصل روسي، ضمن عمليات شرطية واسعة، ما وضع علاقات البلدين في أدنى مستوياتها في التاريخ المعاصر، مصحوبًا بسلسلة من التصرفات غير المألوفة من قبل علييف وقواته.

وتشير التقييمات الأولية إلى أن هذه التحركات التي تقوم بها باكو، والتي يتم تنفيذها بدعم استخباراتي من النظام الصهيوني وبريطانيا، تهدف إلى تعزيز القومية التركية والتطرف الديني، وإنشاء منصة لتهديد الأمن الإقليمي وتمهيد الطريق للنفوذ الأجنبي..

وترى بعض التحليلات أن هذه السيناريوهات الأمنية قد تمّ التخطيط لها مسبقًا، وأنها جزء من مسار باكو نحو مزيد من التقارب مع الناتو، حيث تعتبر الأحداث الأخيرة المدبرة ذريعة لوجود عسكري غربي أوسع في منطقة سيقالس.

من جهة أخرى، نشهد ردود فعل رادعة من روسيا تجاه مشروع علييف الهادف إلى الحفاظ على الوحدة الإقليمية، ومنع نفوذ حلف الناتو في المنطقة، والحفاظ على الاستقرار والأمن التقليديين في القوقاز. وفيما يتعلق بالذرائع التي ساقها مسؤولو باكو، وادعاءات مقتل بعض مواطنيها في روسيا، أعلنت وزارة الداخلية الروسية أن هذه العملية نُفذت بدعم من وحدة التدخل السريع التابعة للحرس الوطني، وفي إطار تحقيق في جرائم ارتُكبت في السنوات السابقة.

وواصلت وزارة الخارجية الروسية رفضها لاعتراضات جمهورية أذربيجان على هذه العملية، واعتقال السلطات أذربيجانيين في يكاترينبورغ، مؤكدةً أن بعض المعتقلين مواطنون من أصل أذربيجاني روسي، ومتهمون بارتكاب جرائم خطيرة في السنوات السابقة. وفي هذا الصدد صرّح المتحدث باسم الكرملين، دميتري بيسكوف في بيان بأن المدعين العامين في البلدين على اتصال مستمر للتحقيق في مختلف جوانب الحادث.

ومن المتوقع بوضوح أن يصاحب ظهور مثل هذه الحركات، التي ستُزعزع الوحدة الإقليمية وتُثير تهديدات جديدة رد فعل روسي، وهذا يُذكرنا بضرورة اتخاذ موقف موحد ضد التطرف والتدخل الأجنبي. والآن بعد أيام قليلة من تبرير باكو، نشهد ردود فعل روسية تدريجية على مشروع علييف كإجراءات رادعة.

تجدر الإشارة إلى أن مواجهة روسيا لشبكة نفوذ علييف تُقيّم لمواجهة انعدام الأمن المُنظم ومنع انتشار التطرف في المنطقة. في ظل هذه الظروف، سيكون التعاون بين إيران وروسيا ودول أخرى في المنطقة لمواجهة التهديدات المشتركة أمرًا أساسيًا واستراتيجيًا. لأن الوحدة الإقليمية ضد مثل هذه الأعمال، الناشئة عن استفزازات خارجية، ستكون من أهم الأدوات في مثل هذه الظروف لمنع النفوذ الصهيوني ومواجهة الانتشار المُرَضِّي للتطرف في حلف شمال الأطلسي (الناتو) والتطرف التركي.

نذكر أنه في الأشهر الأخيرة، وبعد زيارة موسكو وعقد اجتماع سري مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، سافر ستيف ويتكوف المبعوث الخاص لدونالد ترامب إلى الشرق الأوسط إلى باكو للقاء مسؤولين أذربيجانيين في اجتماع بالتنسيق مع النظام الصهيوني.

والآن في خضم المواجهة غير المسبوقة بين موسكو وباكو، أصدرت وزارة الخارجية الروسية بيانًا في الأيام الأخيرة حذّرت فيه باكو من أن "قوى معينة" تحاول تخريب العلاقات بين البلدين.(2)

وحذرت ماريا زاخاروفا المتحدثة باسم الوزارة دون تحديد هوية هذه القوى: "نتوقع من الأطراف الراغبة في تخريب العلاقات الثنائية بين البلدين الامتناع عن المزيد من هذه الأعمال الاستفزازية. فهذه الأعمال تُلحق ضررًا بالغًا بالعلاقات بين الدولتين". وتابعت زاخاروفا بلهجة تهديدية مُذكّرةً بـ"التحالف الاستراتيجي" بين البلدين، ودعت باكو إلى اتخاذ خطوات لإعادة العلاقات إلى مستوى العلاقات المُحدد والمُسجّل في الوثائق الرسمية.(3)

في هذا الصدد صرّح دميتري ماسيموف الخبير السياسي الروسي والمسؤول في رابطة الدول المستقلة، قائلاً: "نشهد محاولات حثيثة من بعض القوى لإحداث شرخ في علاقات موسكو مع باكو".(4)

وأشار إلى أن ظهور مثل هذه الحركات، أياً كان هدفها لن يؤدي إلا إلى خلق مشاكل جديدة لمنظميها، وفي نهاية المطاف سيُزيد من عزلة منفذي المخططات التوسعية والاستعمارية الغربية ويزعزع استقرار نظامها المتغطرس، كما سيُعرّض استقرار المنطقة والنظام الأمني في القوقاز وأوراسيا للخطر. في ظل هذه الظروف سيكون استمرار التعاون بين دول المنطقة لمواجهة هذه التهديدات المشتركة أمراً ضرورياً واستراتيجياً.



نويد دانشور

1- https://www.realtv.az/news/az/192823/yekaterinburqda-hebs-edilen-ayaz-seferov-ve-shahin-lalayev-apellyasiya-shikayeti-veribler
2- https://ria.ru/20250702/zakharova-2026658251.html?in=t
3- https://tn.ai/3347314
4- https://iz.ru/1913842/elizaveta-borisenko/prichiny-i-podsledstvennye-chto-proiskhodit-v-otnosheniyah-
لا توجد تعليقات لهذا المنصب.
الرأي
إرسال تعليق لهذا المقال