طبيعة القواعد الأمريكية في منطقة غرب آسيا
701 Views

طبيعة القواعد الأمريكية في منطقة غرب آسيا

بعد الحرب العالمية الثانية وانتصار الدول الغربية اختارت الولايات المتحدة كإحدى الدول المنتصرة في هذه الحرب استراتيجية جديدة لتواجدها العسكري في جميع أنحاء العالم (1). لقد قامت الولايات المتحدة من خلال دراسة مناطق مهمة في العالم، باختيار قواعد للسيطرة عليها وتمركزت فيها قواتها العسكرية ووعدت بتقديم الدعم السياسي والأمني ​​للدول التي وافقت على إنشاء القواعد العسكرية لها. تُعد منطقة غرب آسيا من أهم المناطق في الاستراتيجية العسكرية للولايات المتحدة نظرًا لأهمية مواردها من الطاقة ووجود الكيان الصهيوني، حيث يوجد عدد كبير من قواعدها العسكرية فيها وتعمل لصالح الولايات المتحدة. سنتناول في هذا المقال دراسة دور هذه القواعد العسكرية في منطقة غرب آسيا.

الطبيعة الحقيقية للقواعد الأمريكية: أُنشئت هذه القواعد في المقام الأول لحماية الكيان الإسرائيلي، وليس للدفاع عن الدول العربية المضيفة. لذلك يُعد الاعتماد عليها خطأً استراتيجيًا. لقد شهدنا الشيء نفسه في هجوم النظام على اجتماع حماس الذي كان يُعقد في قطر وكانت القاعدة العسكرية التي كانت للولايات المتحدة في قطر مراقبًا سلبيًا لهذه الهجمات(2). إن الهدف الرئيسي للولايات المتحدة في منطقة غرب آسيا هو دعم مجموعتها العميلة (النظام الصهيوني)، ويجب على الدول التي تستضيف هذه القواعد في المنطقة أن تدرك عدم ثقتها بضمانات واشنطن بعد هذه التطورات.

ولا تتصرف الولايات المتحدة إلا في إطار مصالحها الخاصة والنظام الإسرائيلي، وتترك الدول العربية وحدها في المراحل الحرجة. وهناك العديد من الأمثلة على هذا الادعاء وفي السنوات الأخيرة كان هذا الافتقار إلى الالتزام من جانب الولايات المتحدة واضحًا تمامًا.

رسالة تحذير للمتنازلين: تدعو خطة السلام الإبراهيمية التي صممها ترامب وفريقه إلى السلام والاعتراف بالنظام من قبل الدول العربية(3). يُعتبر الهجوم الأخير الذي شنه النظام الصهيوني على قطر وعدم فعالية القواعد الأمريكية في منعه بمثابة تحذير للحكومات العربية المتنازلة؛ الآن وبعد أن أصبح الوضع الأمني ​​لدول المنطقة مشكوكًا فيه بسبب نقص الدعم الأمريكي ينبغي على الدول العربية أن تُصبح أكثر حساسية تجاه التنازلات مع النظام لأن الولايات المتحدة رغم حسن سلوك الدول العربية لم تُقدم أي التزام بحماية هذه الدول وهذه رسالة للدول العربية المُتنازلة.

كشف أولويات الولايات المتحدة: تُركز سياسات واشنطن في المنطقة على ضمان أمن إسرائيل والسيطرة على موارد الطاقة أكثر من تركيزها على بناء أمن عربي إسلامي جماعي. تسعى لتحقيق هذه الأهداف بدعم من هذه الدول أو بدونه، نظرًا لطبيعة الهيمنة الأمريكية. ويجب توضيح هذه المسألة للعائلات المالكة العربية أن تكلفة التنازلات أعلى بكثير من تكلفة المقاومة. من الضروري إعادة تعريف الاستراتيجية الإقليمية لدول غرب آسيا. إذا تحولت القمم العربية الإسلامية إلى استراتيجية مستقلة قائمة على المقاومة بدلًا من الاعتماد على الولايات المتحدة، فيمكنها أن تلعب دورًا حقيقيًا في ضمان أمن المنطقة. إن الاعتماد على القوى المحلية لتحقيق استقلال أمني وتصميم آلية لجيش إقليمي مثل حلف الناتو لدول غرب آسيا يمكن أن يكون سبيلاً لدول المنطقة.

بشكل عام، تجدر الإشارة إلى أن دول غرب آسيا لديها رؤية مستوردة للأمن وتعتقد أنه إذا دفعت للولايات المتحدة ثمن أمنها بتقديم تنازلات على مختلف المستويات، فإن هذه الأخيرة ستدعمها بكل قوتها، بينما بعد الأمثلة العديدة التي شهدناها في منطقة غرب آسيا، ستدخل الولايات المتحدة الميدان بكل قوتها فقط للدفاع عن النظام الصهيوني. في قمة الدوحة الأخيرة شهدنا أيضًا عدم فهم معظم الدول العربية للوضع ولم يُتخذ أي إجراء جاد لإعادة تعريف أمن منطقة غرب آسيا. إن النظام الصهيوني والولايات المتحدة بعد أن أدركا هذه الظروف يعيدان تصميم جغرافية منطقة غرب آسيا، وضعف دول المنطقة قد يكون مكلفاً بالنسبة لمستقبل البنية السياسية لهذه الدول، لأن طبيعة القواعد الأمريكية في المنطقة مصممة فقط لدعم أهداف هذا البلد والنظام الإسرائيلي والدول التي تستضيف هذه القواعد لن يكون لديها الأمن المطلوب لمستقبلها ومصالح النظام والولايات المتحدة ستحدد مستقبل الدول المتورطة.


أميرعلي يگانة

1- /https://www.iiss.org/online-analysis/online-analysis/2022/09/overseas-bases-and-us-strategic-posture
2- https://www.nytimes.com/2025/09/10/world/middleeast/israel-strike-qatar-us.html
3- https://www.dw.com/en/abraham-accords-promised-a-new-middle-east-that-changed/a-73976406
لا توجد تعليقات لهذا المنصب.
الرأي
إرسال تعليق لهذا المقال