بعد عملية "طوفان الأقصى" التي قام بها الشعب الفلسطيني عام ٢٠٢٣ والتي قوبلت برد فعل غير اعتيادي وإجرامي من حكومة نتنياهو، انطلقت موجة من المعارضة والمشاعر السلبية لدى شعوب العالم ضد النظام الصهيوني وشارك عدد كبير من الناس حول العالم في مظاهرات ومسيرات سياسية ضد جرائم النظام (1). أصبحت نظرة العالم للصهاينة سلبية وواجه اليهود الصهاينة الذين سافروا بسلام حول العالم مشاعر سلبية لدى الرأي العام العالمي، وقد كلف هذا اليهود الذين فرضوا على أنفسهم وضعًا من القمع لسنوات ثمنًا باهظًا. تتناول هذه الدراسة الموجة العالمية المناهضة للنظام والتي كانت انعكاسًا لسياسات تل أبيب في حرب غزة وتردد صداها في جميع أنحاء العالم.
تزايد الشعور بانعدام الأمن:
يشعر أكثر من ٨٠٪ من الإسرائيليين بعدم الأمان عند السفر إلى الخارج (2). وتشير التقارير إلى تعرضهم للمضايقات في المطارات والفنادق والأماكن العامة حول العالم. حول تبعات هذا الوضع أصدر النظام تحذيرًا رسميًا من السفر في سبتمبر 2025.(3) إن الوضع الذي يعيشه المؤمنون بالصهيونية يتناقض تمامًا مع وعود مؤسسي هذه الطائفة الإرهابية. انضم العديد من اليهود الذين عاشوا في جميع أنحاء العالم إلى هذا الدين أملًا في استعادة كرامتهم التاريخية وشخصيتهم واحترام شعوب العالم، ولكن بعد الإبادة الجماعية الشاملة التي ارتكبها الصهاينة في فلسطين بمرور الوقت، تغيرت نظرة العالم لليهود حول العالم، مما زاد من شعور الصهاينة بانعدام الأمن العالمي. واتسع نطاق الحوادث التي تعرض لها الصهاينة لدرجة أن تقارير عن أعمال عنف ضدهم نُشرت في معظم مدن العالم.
وقد شهدت المدن السياحية حول العالم موجة من ردود الفعل السلبية ضد السياح الإسرائيليين، وهذا يُظهر عمق كراهية دول العالم للمجتمع الصهيوني. لم يعد اليهود المتطرفون الذين اعتادوا السفر بسلام في دول العالم والتعبير عن معتقداتهم بسهولة يتمتعون بالأمن فيما يتعلق بأفعالهم. إن التحذير الرسمي من حكومة نتنياهو بعدم السفر إلى بعض الدول هو دليل واضح على انعدام الأمن لدى شعبٍ يتوسل حباً من شعوب العالم لسنواتٍ طويلة مُصوِّراً نفسه على أنه مُضطهد ومظلوم.
زيادة ملحوظة في التقارير عن الأعمال المعادية للصهيونية في أوروبا:
شهدت دول عديدة نسب عالية من الحوادث ضد الهوية الصهيونية ووصلت في برطانيا بحدود (400%) وفرنسا (1000%)، وألمانيا (أكثر من 5000 حادثة) وسجلت أرقاماً قياسية في حوادث مختلفة من هذا النوع. كما نُشرت تقارير عن التمييز في وسائل النقل العام في أوروبا الشرقية. يتزايد عدد الأعمال المعادية للسامية في أوروبا، وهو ما يوصل رسالة مفادها أن أوروبا، التي كانت تدعم الصهاينة بشكل كامل حتى الأمس، أصبحت الآن، بسبب الوضع المؤلم الذي أوجدته حكومة نتنياهو في فلسطين المحتلة أقل تشابكاً مع الصهاينة وتفقد بعض أواصرها معهم. وتُعد هذه الرسالة مؤلمة للحكومات الأوروبية التي تجد نفسها في ظل تأثير الحكومة الصهيونية. خلال العامين الماضيين ضغطت شعوب الدول الأوروبية مرارًا وتكرارًا على حكوماتها لدعم حكومة نتنياهو في ملايين المظاهرات التي خططت لها، وليس من السهل تغيير آراء الناس الذين عارضوا بشدة أعمال الصهاينة العنيفة خلال هذه السنوات.
الخلاصة
لا بد من القول أنه بتصرفات حكومة إسرائيل الوحشية في إبادة الشعب الفلسطيني قضت حكومة نتنياهو على المصداقية التي غرسها مؤسسو الحركة الصهيونية في أحلامهم عند تأسيسها. إن الشعور بانعدام الأمن الذي يعيشه يهود العالم بعد أحداث السابع من أكتوبر أمر غير مسبوق، وعلى المستوى الإعلامي عندما تتكرر موجة معاداة اليهود في مدن مختلفة حول العالم سيتكرر تأثيرها كالدومينو في جميع أنحاء العالم. إن تراجع رأس المال الاجتماعي للصهاينة على المدى المتوسط قد يدفع العديد من المهاجرين المقيمين في فلسطين المحتلة إلى مغادرة ديارهم، ويؤدي إلى زيادة كبيرة في إحصاءات الهجرة العكسية لليهود في فلسطين المحتلة. يُظهر واقع العالم اليوم أنه لا يوجد مكان في العالم آمن تمامًا للصهاينة. وهو وضع لم يكن موجودًا قط في المناطق النائية من الحكومات الغربية. في المستقبل يبقى أن نرى إلى متى ستستمر موجة التمييز العالمي والشعور بانعدام الأمن الذي يعاني منه الصهاينة حول العالم.
الرأي
إرسال تعليق لهذا المقال