قصف مبنى هيئة الإذاعة والتلفزيون الإيرانية دليلٌ على يأس النظام الإسرائيلي!
منذ بداية عدوان النظام الإسرائيلي على الجمهورية الإسلامية ورغم ادعاءاته بأن هذه الحرب قد خطط لها لمواجهة التهديدات النووية الإيرانية فحسب، إلا أن أفعاله وجرائمه أثبتت أنها حربٌ شاملةٌ ضد الإنسانية والشعب ويُعتبر هجومه اليائس على استوديو شبكة الأخبار الإيرانية رمزًا لهذا النهج العدواني.
إن الكيان الإسرائيلي صاحب التاريخ الطويل في قمع وقتل المراسلين والصحفيين حول العالم، أظهر هذه المرة غطرسته أكثر من ذي قبل، وشن هجومًا عنيفًا على مبنى هيئة الإذاعة والتلفزيون الإيرانية في عملٍ لا إنسانيٍّ ولا مسؤولٍ تمامًا ويتعارض مع جميع مبادئ القانون الدولي. هذا الإجراء غير المسبوق من جانب النظام الصهيوني يتعارض مع المادة 8 من نظام روما الأساسي والمحكمة الجنائية الدولية، والمادة 79 من بروتوكول جنيف الأول، حيث تُعرّف وسائل الإعلام والصحفيين كأهدافٍ مدنية، ويُعدّ استهدافهم المتعمد جريمة حرب وانتهاكًا للقانون الدولي. ومع ذلك قوبل هذا الإجراء من جانب النظام كالعادة بصمت من الغرب ثم بتجاهله أمام الرأي العالم العالمي.
كان هذا الهجوم محاولة واضحة لإسكات الضخ الإعلامي الحر والمستقل وهو إجراء يُظهر بوضوح أن من يعارض نهجهم وإعلامهم سيتعرض للأذى والتهديد، بل وحتى سيكون هدف للصواريخ. إضافةً إلى ذلك يُعد هذا النهج محاولةً لخلق حرب نفسية وزيادة الضغط على الرأي العام للسيطرة على وسائل الإعلام الرئيسية، ومحاولةً لخلق أرضيةٍ للسخط العام والضغط على الحكومة لقبول شروط الاستسلام من خلال بث الخوف والرعب في نفوس الناس وهي قضية يبدو أنها لم تُحقق أي نجاح.
في محاولةٍ للبحث عن السبب الرئيس لإعتداءات الكيان الإسرائيلي، يعتقد الخبراء أن النظام الصهيوني بالنظر إلى فشله في تحقيق أهداف ملموسة وميدانية فضلاً عن الإخفاقات الاستخباراتية في الأيام الأخيرة يحاول التغطية على نقاط ضعفه وإخفاقاته من خلال جرّ الحرب إلى الفضاء الإعلامي وتوجيه ضربات ملموسة ومحددة للهيكل الإعلامي للجمهورية الإسلامية الإيرانية. ويبدو أنهم لم يتوقعوا الرد المناسب والملائم من إيران، والآن بعد أن أصبحوا تحت الضغط فإنهم يسعون إلى تحقيق نتائج واقعية ولوكان ذلك عبر ارتكاب جرائم حرب.
النقطة المهمة هنا هي أن هذا الإجراء أصبح روتينًا لدى إسرائيل. إذا لم يُعالج هذا الروتين بجدية فقد يصبح مشروعاً وأمراً عادياً في مناطق أخرى أيضًا. إن النظام الإسرائيلي في ظل غياب الإدانة الحازمة وعدم دفع ثمن أفعاله التي تنتهك القانون الدولي كما يحدده الغرب، يتخذ خطوات تصعيدية نحو تجاهل القانون الدولي كل يوم، ولا شك أن لهذه الأفعال أثرًا عميقًا في إضعاف المؤسسات الدولية مستقبلًا. عندما تُقابل هذه الأنواع من جرائم الحرب بالصمت في ظل هذه المعايير المزدوجة الغربية، فإنها ستصبح بالتأكيد هي الضحية يومًا ما.
من القضايا المهمة الأخرى ضعف مكانة أوروبا كأحد أهم ركائز القانون الدولي. فالاتحاد الأوروبي، بنهجه المزدوج لم يعد يتمتع بالإحترام والمكانة المطلوبة بصفته حارس للقانون الدولي. ولم يكتف هذا الاتحاد بعدم إدانة عدوان النظام الإسرائيلي على المناطق المدنية في إيران، بل التزم الصمت أيضاً بشأن جريمة الحرب التي ارتكبها بمهاجمة مبنى هيئة الإذاعة والتلفزيون الإيرانية، والتي كانت في نظر الجميع ضربة قاسمة لمكانة هذه المؤسسة من مبادئ حقوق الإنسان..
بالإضافة إلى ذلك ينبغي إيلاء اهتمام خاص لكيفية تبرير النظام لهذا الهجوم. إن الادعاء الكاذب بأن الحرس الثوري الإيراني يدعم أو يقف وراء هذه المؤسسة الإعلامية أمر خطير للغاية ويجب متابعته بجدية. لأنه بناءً على هذا المنطق فإن المستشفيات والمراكز الطبية تقدم الخدمات للجيش أيضًا وستصبح أهدافًا مشروعة للكيان، وستكون سيارات الإسعاف وقوات الإغاثة أيضًا أهدافًا عسكرية. من الممكن حتى أن تُصنف شبكات إمدادات المياه والخدمات العامة كأهداف عسكرية بناءً على هذا المنطق.
هذا النهج وهذا المنطق يُمثلان إنذارًا كبيرًا ويجب على الجهاز الدبلوماسي والإعلامي الإيراني إبلاغ العالم بهذا النهج وأهداف النظام الإسرائيلي لمنع إيذاء المدنيين، لأن إسرائيل أثبتت أنه لتحقيق أهدافها فإن القضية الوحيدة التي لا تعير لها أي أهتمام هي حياة البشر، وأنها ستفعل أي شيء لتحقيق تلك الأهداف وهذا مشابه تمامًا لمهاجمة مؤسسات مدنية بالكامل في إيران أو للمستشفيات في غزة كما رأينا.
الرأي
إرسال تعليق لهذا المقال