معيار الضمانة التنفيذية لمنظمة حظر الأسلحة الكيميائية
57 Views

معيار الضمانة التنفيذية لمنظمة حظر الأسلحة الكيميائية

اتخذت الحكومة الإيرانية خلال الفترة الماضية مبادرات كثيرة ومتنوعة للاستفادة من القدرات والإمكانيات القانونية للمنظمات الدولية. ومن بين هذه المنظمات الدولية منظمة حظر الأسلحة الكيميائية، التي تتمتع بخبرة واسعة في التعاون مع إيران ولهما تاريخ طويل في التفاعل مع بعضهم البعض. بعد العدوان العسكري للكيان الصهيوني على البنية التحتية العسكرية والصناعية في إيران، طلبت الحكومة الإيرانية عقد اجتماع استثنائي سعياً وراء حقوقها المشروعة وغير القابلة للتصرف للاستفادة من القدرات والصلاحيات القانونية للمنظمة المذكورة للضغط على الكيان (1). فيما يلي سيتناول هذا المقال أهداف إيران من تسخير قدرات منظمة حظر الأسلحة الكيميائية لصالحها.

إيران هي الضحية الأكثر ظلماً من منظمة حظر الأسلحة الكيميائية: في السنوات الأخيرة وخلال الحرب المفروضة على ايران ارتكب النظام العراقي كوارث وجرائم إنسانية كبيرة في مدينة سردشت الإيرانية، باستخدام القنابل الكيميائية، ووقائع هذه الكارثة موجودة في منظمة حظر الأسلحة الكيميائية(2). في ذلك الوقت ومن خلال تفعيل الدبلوماسية الأخلاقية تمكنت إيران من لفت انتباه العالم إلى حادثة سردشت المأساوية، وقد ثبتت مظلومية إيران أمام الرأي العام العالمي.
يمكن أن تكون الحادثة المذكورة أعلاه دعماً معنوياً لإيران في متابعة هجمات الكيان الصهيوني على البنية التحتية الصناعية وتعزيز قوة الجهاز الدبلوماسي الإيراني. ويمكن لإيران الاعتماد على الوثائق الموجودة للمطالبة بتنفيذ الآليات الوقائية لمنظمة حظر الأسلحة الكيميائية. وفي هذا السياق، تدعو إيران مستندةً إلى الأحكام القانونية لاتفاقية حظر الأسلحة الكيميائية، إلى عقد اجتماع عاجل للمجلس التنفيذي لمنظمة حظر الأسلحة الكيميائية لبحث الأبعاد التقنية والسياسية والرد على هجمات الكيان الإسرائيلي العسكرية على المصالح العامة للإيرانيين. في الواقع يُمثل عمل النظام الصهيوني تهديدًا محتملاً لسلامة المدنيين وانتهاكًا للالتزامات الدولية. وتندرج حماية أمن المدنيين ضمن مهام المنظمة المذكورة، ويُعتبر هجوم النظام على الصناعات الكيميائية في البلاد (منطقة سفيد رود في جيلان) تجاوزًا للخط الأحمر للمنظمة، ويجب على منظمة حظر الأسلحة الكيميائية إجراء التحقيقات اللازمة والتعامل مع الجناة على النحو المناسب.

تعزيز الدبلوماسية الأخلاقية بذكاء: تسعى الحكومة الإيرانية، بذكائها واستغلالها لتاريخها كضحية في قضايا جرائم الحرب التي ارتُكبت ضدها في الماضي، إلى إيقاظ الضمائر الحية في المجتمعات البشرية حتى يُحدث هذا العمل موجة من الإدانة الدولية للنظام الصهيوني. هذه السياسة، كما في حرب النظام على غزة التي حشدت الرأي العام العالمي ضد الصهاينة يمكن استخدامها أيضًا في حالة هجمات النظام على إيران. بهذا المخطط تسعى إيران إلى المطالبة بحقها غير القابل للتصرف وحقها المشروع في محاسبة حكومة نتنياهو وأنصارها على انتهاكها لأراضي دولة ذات سيادة وذلك من خلال تفعيل القوة التنفيذية القانونية والإنسانية للمنظمات الدولية.

مواجهة الاستخدام الفعّال للأسلحة الكيميائية: إن مهاجمة المنشآت العامة والمراكز الصناعية الإيرانية (الصناعات الكيميائية السلمية) لا تقتصر على المخاطر البشرية والبيئية فحسب، بل إن هدف إيران أيضاً من وراء هذا الإجراء القانوني هو توريط النظام في العديد من القضايا الدولية، وفي هذا الشأن، يُعدّ استخدام قدرات منظمة حظر الأسلحة الكيميائية خطوة ذكية. يجب على النظام أن يدفع الثمن القانوني لمهاجمته البنية التحتية العسكرية والمدنية الإيرانية ومهاجمة صناعات إنتاج الأسلحة الكيميائية، التي تُشكّل خطرًا كبيرًا على المدنيين. قد يُورّط سلوك النظام الخطير والمتهور المنطقة والعالم في حروب واسعة النطاق. إن تاريخ الكيان في استخدام الأسلحة المحظورة في الحرب ضد شعب غزة وقصف سورية ولبنان واضح للعيان، وعلى المنظمات الدولية انطلاقًا من مهمتها في الحفاظ على الأمن والسلام في العالم، أن تمنع أفعال النظام غير القانونية.

الخلاصة
الجدير بالقول إن استخدام القدرات القانونية والأخلاقية للمنظمات الدولية يُمكنه أن يؤثر في تصرفات دول العالم، ولكن في الواقع يُمكن للدول القوية في العالم تشويه الحقائق على الأرض أو تهوينها باستخدام سلاح الإعلام. إن السياسة التي وضعتها إيران على جدول الأعمال هي مزيج من جميع الأدوات المتاحة لمحاسبة النظام الصهيوني وداعميه الغربيين. فالغرب متجاهلاً القوانين الدولية التي وضعها بنفسه، يستخدمها ويفسرها بما يخدم مصالحه ومصالح داعميه. إن أفعال إيران قد تهز الضمير العالمي وتدفع شعوب الدول الغربية إلى المطالبة بالسلام. يجب على الدول الغربية التي تعتبر نفسها حامية لقيم الديمقراطية الليبرالية، أن تراعي أولاً وقبل كل شيء المبادئ الأساسية للأمم المتحدة القائمة على السلام العالمي وحظر العنف والعسكرة، وأن تسيطر على النظام الصهيوني الذي ينتهك رسمياً جميع هذه المعايير الدولية.


أميرعلي يكانة

1. https://www.opcw.org/resources/documents/executive-council/ec-m-67
2. https://wanaen.com/iran-the-largest-victim-of-chemical-weapons-and-advocate-of-a-world-free-of-weapons-of-mass-destruction/
لا توجد تعليقات لهذا المنصب.
الرأي
إرسال تعليق لهذا المقال