IUVM Press - أفضل التحليلات والأخبار العالمية الهامة

IUVM Press - أفضل التحليلات والأخبار العالمية الهامة

برنامج روسيا الشامل لتطوير أسلحتها واحتواء القوة العسكرية والفضائية الغربية

Sunday, December 28, 2025

خلال السنوات الأخيرة ركزت روسيا في ظل حربها مع أوكرانيا وظهور تهديدات من الدول الغربية وحلف شمال الأطلسي (الناتو)، على تطوير أسلحتها متعددة المستويات والمجالات بما في ذلك الأسلحة البرية والبحرية والجوية وحتى القوى الفضائية.

خلال السنوات الأخيرة ركزت روسيا في ظل حربها مع أوكرانيا وظهور تهديدات من الدول الغربية وحلف شمال الأطلسي (الناتو)، على تطوير أسلحتها متعددة المستويات والمجالات بما في ذلك الأسلحة البرية والبحرية والجوية وحتى القوى الفضائية. وتتمحور هذه العقيدة حول تكيف البلاد مع الواقع الذي قد تواجهه في المستقبل وتعزيز قدرتها على الردع الاستراتيجي ضد الناتو.

وفي هذا السياق أمر الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بوضع برنامج جديد طويل الأمد لتطوير الأسلحة، يهدف إلى تحديث الترسانة العسكرية وتطوير مجموعة واسعة من الأسلحة، مع التركيز بشكل خاص على الأسلحة المتقدمة. وفي الوقت نفسه نذكر أن بوتين كان قد أعلن سابقًا عن إدخال جيل جديد من الأسلحة الروسية في المستقبل القريب[1]. في هذا الشأن أعلن وزير الدفاع الروسي أندريه بيلوسوف، عند الانتهاء من وضع برامج تطوير الأسلحة الحكومية للفترة 2027-2036، أن هذا البرنامج يستند إلى عدة مبادئ أساسية تشمل الأسلحة النووية الاستراتيجية والقدرات الفضائية وأنظمة الدفاع الجوي والحرب الإلكترونية والمعدات غير المأهولة والروبوتية، فضلاً عن الأسلحة القائمة على التقنيات المتقدمة والحديثة[2].

تجدر الإشارة إلى أن تطوير واستخدام الصواريخ الباليستية والفرط صوتية يحتل مكانة خاصة في برنامج موسكو الجديد للأسلحة. ويسعى الكرملين من خلال استخدام هذه الأسلحة إلى تعزيز قدرته على اختراق مستويات الدفاع الغربية وبالتالي الحفاظ على قدرته على الردع الاستراتيجي.

فعلى سبيل المثال، يُعد صاروخ RS-28 سارمات صاروخًا باليستيًا روسيًا فائق الثقل عابرًا للقارات، قادرًا على حمل مجموعة متنوعة من الرؤوس الحربية المتطورة. من المرجح أن يحل هذا الصاروخ محل صاروخ R-36M الباليستي العابر للقارات في الترسانة الروسية، ويُعتبر أحد الأسلحة الاستراتيجية الروسية وقد دخل الخدمة عام 2023 كأقوى منظومة صواريخ باليستية عابرة للقارات في العالم.

في الوقت نفسه يُعد صاروخا أفانغارد وأوريشنيك الفرط الصوتيان سلاحين استراتيجيين هامين في برنامج تطوير الأسلحة الروسي. يتميز أفانغارد بقدرته على التحليق بسرعة تقارب 30 ماخ، أي قطع مسافة 1000 كيلومتر في أقل من دقيقتين. من جهة أخرى، سعت روسيا من خلال تطوير صواريخ أوريشنيك بسرعات تفوق سرعة الصوت، إلى زيادة قدرتها على الاختراق وتقليل زمن الوصول إلى أهدافها عبر نشرها في مواقع مناسبة.

في ذات الوقت عززت موسكو دفاعاتها متعددة المستويات بتقوية دفاعاتها الجوية ومعداتها المتطورة المضادة للصواريخ الباليستية، وذلك بأنظمة دفاعية جديدة مثل منظومة إس-500، القادرة على التصدي للصواريخ الباليستية والأهداف الجوية المتقدمة، وحتى التهديدات الفضائية. ويُطلق على منظومة إس-500 غالبًا اسم "نظام دفاع فضائي" لقدرتها على اعتراض التهديدات على ارتفاعات تتجاوز بكثير المدى التشغيلي لمعظم أنظمة الدفاع الجوي التقليدية. ويبلغ مدى كشف هذه المنظومة 800 كيلومتر، ما يجعلها خيارًا موثوقًا لحماية المراكز الاستراتيجية والأهداف الحضرية الهامة من طيف واسع من التهديدات الجوية.[3]

من جهة أخرى تسعى موسكو إلى الحد من فعالية أسلحة خصومها الدقيقة والقائمة على الشبكات المترابطة، وذلك من خلال الاستثمار المكثف في الحرب الإلكترونية، وتشويش أنظمة تحديد المواقع العالمية (GPS)، ومهاجمة أنظمة القيادة والسيطرة المعادية وتعطيل اتصالاتها[4]. ويُعرف هذا البرنامج أيضًا باسم التدابير الإلكترونية المضادة (ECM)، وهو يحمي الأهداف الاستراتيجية من الأسلحة الموجهة بنظام تحديد المواقع العالمي (GPS) عن طريق تعطيل إشارات أنظمة الملاحة وتحديد المواقع عبر الأقمار الصناعية (GNSS)[5].

في ذات السياق، يسعى الكرملين بخطى حثيثة لتطوير أسلحة فضائية ومضادة للأقمار الصناعية، ومن خلال برامج تطوير القدرات المضادة للأقمار الصناعية يحاول تقويض التقنيات العسكرية لمنافسيه بشكل كامل. ويعكس تطوير القدرات المضادة للأقمار الصناعية رؤية روسيا لساحة المعركة المستقبلية، حيث يبرز الفضاء كبعد حاسم في الحروب. وفي هذا الخصوص أثارت التقارير الأخيرة والتي وردت من أجهزة استخبارات دولتين عضوتين في حلف الناتو حول تطوير روسيا لسلاح جديد مضاد للأقمار الصناعية، مخاوف كبيرة على الجبهة الغربية[6].

ويركز برنامج التسلح الحكومي الروسي على زيادة حصة الأسلحة الحديثة والذكية والمعقدة خلال ثلاثينيات القرن الحالي، ويهدف إلى تحديث الترسانة العسكرية الروسية والحفاظ على تفوقها النسبي على حلف الناتو.

تُعدّ روسيا أول دولة في العالم تُرسّخ دعائم ردعها الاستراتيجي ضد الغرب، وحلف شمال الأطلسي (الناتو) على وجه الخصوص، من خلال استخدام أسلحة حديثة وفوق صوتية، وصواريخ باليستية متطورة وتوظيف جيل جديد من أنظمة الدفاع الجوي متعددة المستويات والمضادة للصواريخ الباليستية، وتطوير قدرات مضادة للأقمار الصناعية والفضاء، والاستخدام العملي للحرب الإلكترونية. ووفقًا للخبراء مع اختلال موازين القوى بعد انهيار الاتحاد السوفيتي وتخلف روسيا عن الدول الغربية، وخاصة الولايات المتحدة، في السنوات الأولى رأى صانعو السياسات في البلاد أن أفضل سبيل للتعويض هو تطوير برنامج شامل للأسلحة والصواريخ ولا سيما الصواريخ الفوق صوتية وتحديث الترسانة العسكرية وبناء قوة ردع استراتيجية.

والآن يُغيّر برنامج روسيا الشامل لتطوير الأسلحة الاستراتيجيات العسكرية في العالم وتسعى موسكو استجابةً للتحديات الجيوسياسية المتزايدة، إلى احتواء القوة العسكرية والفضائية الغربية والحفاظ على تفوق نسبي على حلف الناتو. ويبدو أن روسيا ستصبح منافسًا فريدًا للدول القوية من خلال بناء قوة ردع عالية.

نويد دانشور

مقالات ذات صلة
 أوروبا في طريق الانحدار ؟

أوروبا في طريق الانحدار ؟

عرض المزيد →
تغيير قواعد الحرب الخفية باستهداف السفن المدنية الروسية

تغيير قواعد الحرب الخفية باستهداف السفن المدنية الروسية

عرض المزيد →
أزمة الشباب البريطاني!

أزمة الشباب البريطاني!

عرض المزيد →
العلاقات الألمانية الأمريكية بين التعاون العلني والتوترات الخفية

العلاقات الألمانية الأمريكية بين التعاون العلني والتوترات الخفية

عرض المزيد →
التعليقات